يُسْتَعْمَلَ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ نَعَمِ استعماله على القدر الزائد ينشأ الْفَتَرَ وَلِينَةَ الْأَعْضَاءِ عَلَى رَأْيِ الْبَعْضِ
وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّجْرِبَةِ وَصَحَّ عَنْ أَئِمَّةِ الطِّبِّ أَنَّ كُلَّ الْمُفَرِّحَاتِ الْمُطَيِّبَاتِ أَنْ يَخْتَلِطَ بِالْأَشْرِبَةِ الْمُسْكِرَةِ فَإِنَّهَا تَزْدَادُ قُوَّةُ السُّكْرِ
وَمَنْ قَالَ إِنَّ الزَّعْفَرَانَ يُسْكِرُ مُفْرَدًا فَقَدْ أَخْطَأَ وَإِنَّمَا صَدَرَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ تَقْلِيدًا لِلْعَلَّامَةِ عَلَاءِ الدِّينِ عَلِيٍّ الْقُرَشِيِّ مِنْ غَيْرِ تَجْرِبَةٍ وَلَا بَحْثٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي مُوجَزِ الْقَانُونِ وَالنَّفِيسِيِّ فِي شَرْحِهِ وَالْمُسْكِرَاتُ بِسُرْعَةٍ كَالتَّنَقُّلِ بِجَوْزِ الطِّيبِ وَنَقْعِهِ فِي الشَّرَابِ وَكَذَلِكَ الْعُودُ الْهِنْدِيُّ وَالشَّيْلَمُ وَوَرَقُ الْقِنَّبِ وَالزَّعْفَرَانُ وَكُلُّ هَذِهِ يُسْكِرِ مُفْرَدُهُ فَكَيْفَ مَعَ الشَّرَابِ وَأَمَّا الْبَنْجُ وَاللُّفَّاحُ وَالشَّوْكَرَانُ وَالْأَفْيُونُ فَمُفْرِطٌ فِي الْإِسْكَارِ انْتَهَى
وَقَالَ الْقُرَشِيُّ فِي شَرْحِ قَانُونِ الشَّيْخِ الزَّعْفَرَانُ يُقَوِّي الْمَعِدَةَ وَالْكَبِدَ وَيُفَرِّحُ الْقَلْبَ وَلِأَجْلِ لَطَافَةِ أَرْضِيَّتِهِ يَقْبَلُ التَّصَعُّدَ كَثِيرًا فَلِذَلِكَ يُصَدِّعُ وَيُسْكِرُ بِكَثْرَةِ مَا يَتَصَعَّدُ مِنْهُ إِلَى الدِّمَاغِ انْتَهَى
وَقَوْلُهُ يُسْكِرُ بِكَثْرَةِ مَا يَتَصَعَّدُ مِنْهُ إِلَى الدِّمَاغِ ظَنٌّ مَحْضٌ مِنَ الْعَلَّامَةِ الْقُرَشِيِّ وَخِلَافٌ لِلْوَاقِعِ وَأَنَّ الْأَطِبَّاءَ الْقُدَمَاءَ قَاطِبَةً قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُسْكِرُ إِذَا جُعِلَ فِي الشَّرَابِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى سُكْرِهِ مُفْرَدًا أَوْ مع استهلاك الطعام
هذا بن بَيْطَارٍ الَّذِي يُنْتَهَى إِلَيْهِ الرِّيَاسَةُ فِي عِلْمِ الطِّبِّ ذَكَرَ الزَّعْفَرَانَ فِي جَامِعِهِ وَنَقَلَ أَقْوَالَ الْأَئِمَّةِ الْقُدَمَاءِ بِكَثْرَةٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّ الزَّعْفَرَانَ يُسْكِرُ مُفْرَدًا فَقَالَ الزَّعْفَرَانُ تُحَسِّنُ اللَّوْنَ وَتُذْهِبُ الْخُمَارَ إِذَا شُرِبَ بِالْمِيفَخْتَجِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّهُ يَقْتُلُ إِذَا شُرِبَ مِنْهُ مِقْدَارُ وَزْنِ ثَلَاثَةِ مَثَاقِيلَ بِمَاءٍ وَلَهُ خَاصِّيَّةٌ شَدِيدَةٌ عَظِيمَةٌ فِي تَقْوِيَةِ جَوْهَرِ الرُّوحِ وَتَفْرِيحِهِ
وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي الْحَاوِي وَهُوَ يُسْكِرُ سَكَرًا شَدِيدًا إِذَا جُعِلَ فِي الشَّرَابِ وَيُفَرِّحُ حَتَّى إِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ الْجُنُونَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ
انتهى كلام بن بَيْطَارٍ مُخْتَصَرًا
وَهَذَا الشَّيْخُ الرَّئِيسُ أَبُو عَلِيٍّ إِمَامُ الْفَنِّ قَالَ فِي الْقَانُونِ الزَّعْفَرَانُ حَارٌّ يَابِسٌ قَابِضٌ مُحَلِّلٌ مُصَدِّعٌ يَضُرُّ الرَّأْسَ وَيُشْرَبُ بِالْمِيفَخْتَجِ لِلْخُمَارِ وَهُوَ مُنَوِّمٌ مُظْلِمٌ لِلْحَوَاسِّ إِذَا سُقِيَ فِي الشَّرَابِ أَسْكَرَ حَتَّى يُرْعِنَ مُقَوٍّ لِلْقَلْبِ مُفَرِّحٌ
قِيلَ إِنَّ ثَلَاثَةَ مَثَاقِيلَ مِنْهُ تَقْتُلُ بِالتَّفْرِيحِ
انْتَهَى مُلَخَّصًا مُخْتَصَرًا
وَهَذَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ إِمَامُ الْفَنِّ بِلَا نِزَاعٍ قَالَ فِي كَامِلِ الصِّنَاعَةِ فِي الْبَابِ السَّابِعِ