يَأْكُلُوهُ (فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ خَفِيفَةٍ أَيْ أَكْرَهُ أَكْلَهُ طَبْعًا لَا شَرْعًا يُقَالُ عِفْتُ الشَّيْءَ أَعَافُهُ (فَاجْتَرَرْتُهُ) أَيْ جَذَبْتُهُ (وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّبَّ حَلَالٌ
وَأَصْرَحُ مِنْهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ كُلُوهُ فَإِنَّهُ حلال ولكنه ليس من طعامي قال القارىء الحنفي في المرقاة أغرب بن الْمَلَكِ حَيْثُ خَالَفَ مَذْهَبَهُ وَقَالَ فِيهِ إِبَاحَةُ أَكْلِ الضَّبِّ وَبِهِ قَالَ جَمْعٌ إِذْ لَوْ حُرِّمَ لَمَا أُكِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ انْتَهَى
قُلْتُ وَكَذَلِكَ أَغْرَبَ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ حَيْثُ خَالَفَ مَذْهَبَهُ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ مَعَانِي الْآثَارِ بَعْدَ الْبَحْثِ فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْآثَارِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الضَّبِّ وَبِهِ أَقُولُ انْتَهَى
لَكِنْ عِنْدَ الْمُحَقِّقِ الْمُنْصِفِ لَيْسَ فِيهِ غَرَابَةٌ فَقَدْ ثَبَتَ فِي إِبَاحَةِ أَكْلِ الضَّبِّ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ وَلَا مَذْهَبَ لِلْمُسْلِمِ إِلَّا مَذْهَبَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ
عِنْدَ الْمُقَلِّدِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنْ لَا مَذْهَبَ لَهُمْ غَيْرَ مَذْهَبِ إِمَامِهِمْ فِيهِ غَرَابَةٌ بِلَا مِرْيَةٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
[٣٧٩٥] (عَنْ ثَابِتِ بْنِ وَدِيعَةَ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ قِيلَ وَدِيعَةُ اسْمُ أُمِّهِ وَاسْمُ أَبِيهِ يَزِيدُ كَذَا فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ (ضِبَابًا) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ ضَبٍّ (فَأَخَذَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عُودًا) أَيْ خَشَبًا (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْعُودِ (أَصَابِعَهُ) أَيْ أَصَابِعَ الضَّبِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيُقَلِّبُهُ (مُسِخَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالْمَسْخُ قَلْبُ الْحَقِيقَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ (دَوَابًّا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ دَوَابَّ غَيْرَ مُنَوَّنٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ
قَالَ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا وَرَدَ أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا يُعْقِبُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخْبِرُ بِأَشْيَاءَ مُجْمَلَةً ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ كَمَا قَالَ فِي الدَّجَّالِ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ ثُمَّ أُعْلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَبْلَ نُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا عَلِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَسْخِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ وَلَا يُعْقَبْ لَهُ فَكَانَ فِي الظَّنِّ وَالْحِسَابِ عَلَى حَسَبِ الْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ انْتَهَى (فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَنْهَ) أَيْ عَنْ أَكْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute