وَصْفٌ لِبُرَّةٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنْ تَكُونَ مُقْمِرَةً فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَلِئَلَّا يَحْصُلَ التَّنَاقُضُ بَيْنَ الْبَيْضَاءِ وَالسَّمْرَاءِ
وَاخْتَارَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ السَّمْرَاءَ هِيَ الْحِنْطَةُ فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ بُرَّةٍ
قَالَ الْقَاضِي السَّمْرَاءُ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ غَلَبَتْ عَلَى الْحِنْطَةِ فَاسْتَعْمَلَهَا هُنَا عَلَى الْأَصْلِ وَقِيلَ هِيَ نَوْعٌ مِنَ الْحِنْطَةِ فِيهَا سَوَادٌ خَفِيٌّ وَلَعَلَّهُ أَحْمَدُ الْأَنْوَاعِ عِنْدَهُمْ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (مُلَبَّقَةً بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ خُبْزَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ بِجَرِّهَا عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ بُرَّةٍ وَالْمَعْنَى مَبْلُولَةٌ مَخْلُوطَةٌ خَلْطًا شَدِيدًا بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ وَالْمُلَبَّقَةُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّلْبِيقِ وَهُوَ التَّلْيِينُ
وَفِي الْقَامُوسِ لَبَّقَهُ لَيَّنَهُ وَثَرِيدٌ مُلَبَّقٌ مُلَيَّنٌ بِالدَّسَمِ (فَاتَّخَذَهُ) أَيْ صَنَعَ مَا ذَكَرَ (فِي أَيْ شَيْءٍ كَانَ هَذَا) أَيْ سَمْنُهُ وَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ فِيهِ رَائِحَةً كَرِيهَةً (فِي عُكَّةِ ضَبٍّ) الْعُكَّةُ بِالضَّمِّ آنِيَةُ السَّمْنِ وَقِيلَ وِعَاءٌ مُسْتَدِيرٌ لِلسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَقِيلَ الْعُكَّةُ الْقِرْبَةُ الصَّغِيرَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ فِي وِعَاءٍ مَأْخُوذٍ مِنْ جِلْدِ ضَبٍّ (ارْفَعْهُ) قَالَ الطيبي وإنما أمر برفعه لتنفر طَبْعِهِ عَنِ الضَّبِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ خَالِدٍ لَا لِنَجَاسَةِ جِلْدِهِ وَإِلَّا لَأَمَرَهُ بِطَرْحِهِ وَنَهَاهُ عَنْ تَنَاوُلِهِ
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ) الْمُنْكَرُ حَدِيثُ مَنْ فَحُشَ غَلَطُهُ أَوْ كَثُرَتْ غَفْلَتُهُ أَوْ ظَهَرَ فِسْقُهُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شِيمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ وَقَدْ أُخْرِجَ مَخْرَجَ التَّمَنِّي وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ أَبُو دَاوُدَ بِكَوْنِهِ مُنْكَرًا ذكره القارىء (وَأَيُّوبُ) أَيِ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى قَوْلِهِ لَيْسَ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ لَيْسَتْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهَا الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ بَلْ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي تَرْجَمَةِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَرَقَّمَ عليه علامة أبي داود وبن مَاجَهْ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَفِي ثُبُوتِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي نَفْسِي شَيْءٌ
وَأَيُّوبُ هَذَا الَّذِي فِي الْإِسْنَادِ رَوَى عَنْ نَافِعٍ وَرَوَى عَنْهُ حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ
وَالرَّاوِي عَنْ نَافِعٍ الَّذِي اسْمُهُ أَيُّوبُ هُوَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ الْأَوَّلُ أَيُّوبُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ كِيسَانُ السِّخْتِيَانِيُّ وَرَوَى عَنْ نَافِعٍ وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَالسُّفْيَانَانِ وَالْحَمَّادَانِ هُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ حُجَّةٌ
وَالثَّانِي أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَمْرٍو الْأُمَوِيُّ الْفَقِيهُ رَوَى عَنْ نَافِعٍ وَعَنْهُ شُعْبَةُ وَاللَّيْثُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ وَغَيْرُهُمْ هُوَ ثِقَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute