(طَيِّبًا) أَيْ خَالِصًا مِنَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ (مُبَارَكًا) بفتح الراء هو وما قبله صفات لحمدا مقدرا (فِيهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْحَمْدِ أَيْ حَمْدًا ذَا بَرَكَةٍ دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ لِأَنَّ نِعَمَهُ لَا تَنْقَطِعُ عَنَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَمْدُنَا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ أَيْضًا وَلَوْ نِيَّةً وَاعْتِقَادًا (غَيْرَ مَكْفِيٍّ) بِنَصْبِ غَيْرَ وَرَفْعِهِ وَمَكْفِيٍّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ مِنْ كَفَأْتُ أَيْ غَيْرَ مَرْدُودٍ وَلَا مَقْلُوبٍ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الطَّعَامِ الدَّالِّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَوْ هُوَ مِنَ الْكِفَايَةِ فَيَكُونُ مِنَ الْمُعْتَلِّ يَعْنِي أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُطْعِمُ لِعِبَادِهِ وَالْكَافِي لَهُمْ فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ الْعَيْنِيُّ هُوَ مِنَ الْكِفَايَةِ وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ أَصْلُهُ مَكْفُويٍّ عَلَى وَزْنِ مَفْعُولٍ فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ ثُمَّ أُبْدِلَتْ ضَمَّةُ الْفَاءِ كَسْرَةً لِأَجْلِ الْيَاءِ وَالْمَعْنَى هَذَا الَّذِي أَكَلْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ كِفَايَةٌ عَمَّا بَعْدَهُ بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ بَلْ نِعَمُكَ مُسْتَمِرَّةٌ لَنَا طُولَ أَعْمَارِنَا غَيْرُ مُنْقَطِعَةٍ وَقِيلَ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْحَمْدِ أَيْ أَنَّ الْحَمْدَ غَيْرُ مَكْفِيٍّ إِلَخْ كَذَا قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ (وَلَا مُوَدَّعٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ الثَّقِيلَةِ أَيْ غَيْرُ مَتْرُوكٍ وَيُحْتَمَلُ كَسْرُهَا عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الْقَائِلِ أَيْ غَيْرُ تَارِكٍ (وَلَا مُسْتَغَنًى عَنْهُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَبِالتَّنْوِينِ أَيْ غَيْرُ مَطْرُوحٍ وَلَا مُعْرَضَ عَنْهُ بَلْ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ (رَبُّنَا) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ رَبُّنَا أو على أنه مبتدأ وخبر مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الْمَدْحِ أَوِ الاختصاص أو إضمارا عني
قال بن التِّينِ وَيَجُوزُ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَنْهُ وَقَالَ غَيْرُهُ عَلَى الْبَدَلِ من الاسم في قوله الحمدلله
وقال بن الْجَوْزِيِّ رَبَّنَا بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ مَعَ حَذْفِ أَدَاةِ النِّدَاءِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ
[٣٨٥٠] (عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ) أَيْ مُوَحِّدِينَ مُنْقَادِينَ لِجَمِيعِ أُمُورِ الدِّينِ
وَفَائِدَةُ الْحَمْدِ بَعْدَ الطَّعَامِ أَدَاءُ شُكْرِ الْمُنْعِمِ وَطَلَبُ زِيَادَةِ النِّعْمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لئن شكرتم لأزيدنكم وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَجْدِيدِ حَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعْمَةِ مِنْ حُصُولِ مَا كَانَ الْإِنْسَانُ يَتَوَقَّعُ حُصُولَهُ وَانْدِفَاعِ مَا كَانَ يَخَافُ وُقُوعَهُ
ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْبَاعِثُ هُنَا هُوَ الطَّعَامُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِهِ وَكَانَ السَّقْيُ مِنْ تَتِمَّتِهِ لِكَوْنِهِ مُقَارِنًا لَهُ فِي التَّحْقِيقِ غَالِبًا ثُمَّ اسْتَطْرَدَ مِنْ ذِكْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute