أَقْرَبُ
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ أَحَادِيثُ الْكَيِّ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ كَذَا فِي النَّيْلِ (فَمَا أَفْلَحْنَ وَلَا أَنْجَحْنَ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ بِنُونِ الْإِنَاثِ فِيهِمَا يَعْنِي تلك الكيات التي اكتوينا بهن وخالفنا صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي فِعْلِهِنَّ وَكَيْفَ يُفْلِحُ أَوْ يَنْجَحُ شَيْءٌ خُولِفَ فِيهِ صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ فَاكْتَوَيْنَا كَيَّاتٍ لِأَوْجَاعٍ فَمَا أَفْلَحْنَ وَلَا أَنْجَحْنَ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الترمذي وبن مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عِمْرَانَ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْكَيِّ قَالَ فَابْتُلِينَا فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا ولفظ بن مَاجَهْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاكْتَوَيْتُ فَمَا أَفْلَحْتُ وَلَا أَنْجَحْتُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
[٣٨٦٦] (كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَيَّ تَارَةً يَكُونُ عِنْدَ قِيَامِ أَسْبَابِهِ وَالدَّاعِي إِلَيْهِ فَهَذَا يَتَرَجَّحُ فِعْلُهُ عَلَى تَرْكِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَفْيِ الضَّرَرِ عَنِ الْمَكْوِيِّ وَتَارَةً يَكُونُ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ أَسْبَابِهِ كَمَا يُحْكَى عَنِ التُّرْكِ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِيُزْعِجُوا الطَّبِيعَةَ فَلَا يَصِلُ الدَّاءُ إِلَى الْجَسَدِ فَهَذَا يَتَرَجَّحُ تَرْكُهُ عَلَى فِعْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ الْعَظِيمِ الْعَاجِلِ مَعَ إِمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ بِغَيْرِهِ فَهَذَا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ كَذَا فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا كَوَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدٌ بْنَ مُعَاذٍ لِيَرْقَى الدَّمُ عَنْ جُرْحِهِ وَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِفَ فَيَهْلِكَ وَالْكَيُّ يُسْتَعْمَلُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مِنَ الْعِلَاجِ الَّذِي تَعْرِفُهُ الْخَاصَّةُ وَأَكْثَرُ الْعَامَّةِ وَالْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ الْكَيَّ كَثِيرًا فِيمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنَ الْأَدْوَاءِ وَيُقَالُ فِي أَمْثَالِهَا آخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ وَالْكَيُّ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْعِلَاجِ وَالتَّدَاوِي الْمَأْذُونِ فِيهِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ الَّذِي رَوَيْنَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ
فَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي النَّهْيِ عَنِ الْكَيِّ فَقَدْ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ أَمْرَهُ يَقُولُونَ آخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ وَيَرَوْنَ أَنَّهُ يَحْسِمُ الدَّاءَ وَيُبْرِئُهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عَطِبَ صَاحِبُهُ وَهَكَذَا فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعِلَاجُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَبَاحَ لَهُمُ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى مَعْنَى التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَطَلَبِ الشِّفَاءِ وَالتَّرَجِّي لِلْبُرْءِ بِمَا يُحْدِثُ اللَّهُ عَزَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute