للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْمَوْصُولُ مَعَ الصِّلَةِ مَفْعُولُ أُبَالِي

وَقَوْلُهُ (إِنْ أَنَا شَرِبْتُ تِرْيَاقًا) إِلَى آخِرِهِ شَرْطٌ جَزَاؤُهُ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ وَالْمَعْنَى إِنْ صَدَرَ مِنِّي أَحَدُ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ كُنْتُ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِمَا يَفْعَلُ وَلَا يَنْزَجِرُ عَمَّا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ شَرْعًا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

وَقَالَ فِي اللُّمَعَاتِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنِّي إِنْ فَعَلْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُنْتُ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِمَا فَعَلُهُ مِنَ الْأَفْعَالِ مَشْرُوعَةً أَوْ غَيْرَهَا لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمَشْرُوعِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى

ثُمَّ التِّرْيَاقُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَجُوِّزَ ضَمُّهُ وَفَتْحُهُ لَكِنِ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا يُسْتَعْمَلُ لِدَفْعِ السُّمِّ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالْمَعَاجِينِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَيُقَالُ بِالدَّالِ أيضا كذا في المرقاة

وقال بن الْأَثِيرِ إِنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ لُحُومِ الْأَفَاعِي وَالْخَمْرِ وَهِيَ حَرَامٌ نَجِسَةٌ وَالتِّرْيَاقُ أَنْوَاعٌ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ

وَقِيلَ الْحَدِيثُ مُطْلَقٌ فَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ كُلُّهُ انْتَهَى (أَوْ تَعَلَّقْتُ تَمِيمَةً) أَيْ أَخَذْتُهَا عِلَاقَةً وَالْمُرَادُ مِنَ التَّمِيمَةِ مَا كَانَ مِنْ تَمَائِمِ الْجَاهِلِيَّةِ وَرُقَاهَا فَإِنَّ الْقِسْمَ الَّذِي يَخْتَصُّ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلِمَاتِهِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي جُمْلَتِهِ

قَالَ فِي النِّهَايَةِ هِيَ خَرَزَاتٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُعَلِّقُهَا عَلَى أَوْلَادِهِمْ يَتَّقُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زَعْمِهِمْ فَأَبْطَلَهَا الْإِسْلَامُ

وَفِي الْحَدِيثِ التَّمَائِمُ وَالرُّقَى مِنَ الشِّرْكِ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ كَأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا تَمَامُ الدَّوَاءِ وَالشِّفَاءِ وَإِنَّمَا جَعَلَهَا شِرْكًا لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِهَا دَفْعَ الْمَقَادِيرِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَيْهِمْ وَطَلَبُوا دَفْعَ الْأَذَى مِنْ غَيْرِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ دَافِعُهُ انْتَهَى

قَالَ السِّنْدِيُّ الْمُرَادُ تَمَائِمُ الْجَاهِلِيَّةِ مِثْلُ الْخَرَزَاتِ وَأَظْفَارِ السِّبَاعِ وَعِظَامِهَا وَأَمَّا مَا يَكُونُ بِالْقُرْآنِ وَالْأَسْمَاءِ الْإِلَهِيَّةِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ بَلْ هُوَ جَائِزٌ

وَقَالَ الْقَاضِي أبو بكر الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ تَعْلِيقُ الْقُرْآنِ لَيْسَ مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ فِيهِ الذِّكْرُ دُونَ التَّعْلِيقِ انْتَهَى

(أَوْ قُلْتُ الشِّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي) أَيْ قَصَدْتُهُ وَتَقَوَّلْتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وما علمناه الشعر وما ينبغي له وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا النبي لا كذب أنا بن عَبْدِ الْمُطَّلِبْ فَذَلِكَ صَدَرَ لَا عَنْ قَصْدٍ وَلَا الْتِفَاتٍ مِنْهُ إِلَيْهِ

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ لَيْسَ شُرْبُ التِّرْيَاقِ مَكْرُوهًا مِنْ أَجْلِ التَّدَاوِي وَقَدْ أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّدَاوِي وَالْعِلَاجَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ لُحُومِ الْأَفَاعِي وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ وَالتِّرْيَاقُ أَنْوَاعٌ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ لُحُومِ الْأَفَاعِي فَلَا بَأْسَ بِتَنَاوُلِهِ

وَالتَّمِيمَةُ يُقَالُ إِنَّهَا خَرَزَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>