عائشة وطاووس وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَالسَّلَفِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ قَالُوا وَإِنَّمَا بَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى سَيِّدِهِ
وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ اقْضِ بِهِ دَيْنَكَ قَالُوا وَإِنَّمَا دَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَهُ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَرَدَّ تَصَرُّفَهُ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَكَذَلِكَ يُرَدُّ تَصَرُّفُ مَنْ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ بَاطِلٌ وَالصَّوَابُ نَفَاذُ تَصَرُّفِ مَنْ تَصَدَّقَ بِكُلِّ مَالِهِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ نَظَرًا لَهُ إِذْ لَمْ يَتْرُكْ لِنَفْسِهِ مَالًا
وَالصَّحِيحُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ بِكُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَمُتِ السَّيِّدُ
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صِحَّةِ التَّدْبِيرِ ثُمَّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُحْسَبُ عِتْقُهُ مِنَ الثُّلُثِ
وَقَالَ اللَّيْثُ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرُ الْإِمَامِ فِي مَصَالِحِ رَعِيَّتِهِ وَأَمْرُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا فِيهِ الرِّفْقُ بِهِمْ وَبِإِبْطَالِهِمْ مَا يَضُرُّهُمْ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمُ الَّتِي يُمْكِنُ فَسْخُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ عَلَى مَذَاهِبَ أَحَدُهَا الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَحَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ التَّابِعِينَ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَةِ الْآثَارِ لِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ بِهَذَا الرَّجُلِ
الثَّانِي الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَتَأَوَّلُوا الْحَدِيثَ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ رَقَبَتَهُ وَإِنَّمَا بَاعَ خِدْمَتَهُ وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَتَمَسَّكُوا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ إِنَّمَا بَاعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ وَهَذَا مُرْسَلٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَرُوِيَ عَنْهُ مَوْصُولًا وَلَا يَصِحُّ
وَأَمَّا مَا عِنْدَ الدارقطني عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُدَبَّرُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَهُوَ حُرٌّ مِنَ الثُّلُثِ فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ
الثَّالِثُ الْمَنْعُ مِنْ بَيْعِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَيُبَاعُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ لِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَهِيَ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَفِيهِ فَأَعْطَاهُ وَقَالَ اقْضِ دَيْنَكَ وَعُورِضَ بِمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا إِذْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ الثَّمَنَ لِإِنْفَاقِهِ لَا لِوَفَاءِ دَيْنٍ بِهِ