وَأَرْسَلَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ الْعِجْلِيُّ ثِقَةٌ صَدُوقٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ
(قَالَتْ قِرَاءَةُ النبي) أَيْ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ (بَلَى قَدْ جَاءَتْكِ) بِكَسْرِ الْكَافِ (آيَاتِي) أَيِ الْقُرْآنُ (فَكَذَّبْتِ بِهَا) بِكَسْرِ التَّاءِ وَقُلْتِ إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (وَاسْتَكْبَرْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ أَيْ تَكَبَّرْتِ عَنِ الْإِيمَانِ بِهَا (وَكُنْتِ مِنَ الْكَافِرِينَ) بِكَسْرِ التَّاءِ كَمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى خِطَابِ النَّفْسِ
والمعنى كأنه بَلَى قَدْ جَاءَتْكِ آيَاتِي وَبَيَّنْتُ لَكِ الْهِدَايَةَ مِنَ الْغِوَايَةِ وَسَبِيلَ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ وَمَكَّنْتُكِ مِنَ اخْتِيَارِ الْهِدَايَةِ عَلَى الْغِوَايَةِ وَاخْتِيَارِ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ وَلَكِنْ تَرَكْتِ ذَلِكَ وَضَيَّعْتِهِ وَاسْتَكْبَرْتِ عَنْ قَبُولِهِ وَآثَرْتِ الضَّلَالَةَ عَلَى الْهُدَى وَاشْتَغَلْتِ بِضِدِّ مَا أُمِرْتِ بِهِ فَإِنَّمَا جَاءَ التَّضْيِيعُ مِنْ قِبَلِكِ فَلَا عُذْرَ لَكِ قَالَهُ النَّسَفِيُّ
وقال البيضاوي وتذكير الخطاب على المعنى وقرىء بِالتَّأْنِيثِ لِلنَّفْسِ انْتَهَى وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ أَنَّهُ قَرَأَ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي بِنَصْبِ الْكَافِ فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ بِنَصْبِ التَّاءِ فِيهِنَّ كُلِّهنَّ انْتَهَى
وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا السَّيِّدُ مَحْمُودٌ الْأَلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ رُوحُ الْمَعَانِي وَتَذْكِيرُ الْخِطَابِ فِي جَاءَتْكَ عَلَى الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ الشَّخْصُ وَإِنَّ لفظها مؤنث سماعي وقرأ بن يعمر والجحدري وأبو حيوة والزعفراني وبن مقسم ومسعود بن صالح والشافعي عن بن كَثِيرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى فِي اخْتِيَارِهِ وَالْعَبْسِيِّ جَاءَتِكِ إِلَخْ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالتَّاءِ وَهِيَ قِرَاءَةُ أبي بكر الصديق وابنته عائشة رضي الله عنه وروتها أم سلمة عن النبي وقرأ الحسن والأعمش والأعرج جاءتك بِالْهَمْزَةِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ بِوَزْنِ فَعَتْكَ وَهُوَ عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَيَّانَ مَقْلُوبٌ مِنْ جَاءَتْكَ قُدِّمَتْ لَامُ الْكَلِمَةِ وَأُخِّرَتِ الْعَيْنُ فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا مُرْسَلٌ الرَّبِيعُ لَمْ يُدْرِكْ أُمَّ سَلَمَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا أَيْ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ فَرُوحٌ أَيْ بِضَمِّ الرَّاءِ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ قَالَ الْبَغَوِيُّ قَرَأَ يَعْقُوبُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا فَمَنْ قَرَأَ بِالضَّمِّ قَالَ الْحَسَنُ مَعْنَاهُ يَخْرُجُ رُوحُهُ فِي الرَّيْحَانِ وَقَالَ قَتَادَةُ الرَّوْحُ الرَّحْمَةُ أَيْ لَهُ الرَّحْمَةُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ فَحَيَاةٌ وَبَقَاءٌ لَهُمْ وَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ مَعْنَاهُ فَلَهُ رَوْحٌ وَهُوَ الرَّاحَةُ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَرَحٌ وَقَالَ الضَّحَّاكُ مَغْفِرَةٌ وَرَحْمَةٌ انْتَهَى وَرَيْحَانُ أَيْ وَلَهُ اسْتِرَاحَةٌ وَقِيلَ رِزْقٌ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِهِ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي النَّوَادِرِ وَالْحَاكِمُ وصححه وأبو نعيم في الحلية وبن مَرْدَوْيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فَرُوحٌ وَرَيْحَانٌ بِرَفْعِ الرَّاءِ انْتَهَى وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ أَبُو عِيسَى أَيِ الرَّمْلِيُّ أَحَدُ رُوَاةِ أَبِي دَاوُدَ بَلَغَنِي عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ هَارُونَ الْأَعْوَرِ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَهَارُونُ الْأَعْوَرُ هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَيُقَالُ أَبُو مُوسَى هَارُونُ بْنُ مُوسَى المقرئ النَّحْوِيُّ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ مِمَّنِ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ انْتَهَى
[٣٩٩٢] (قَالَ) أَحْمَدُ (بْنُ حَنْبَلٍ يَعْنِي عَنْ عَطَاءٍ) أَيْ يَرْوِي عَمْرٌو عَنْ عَطَاءٍ فَكَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ لَمْ يَتَيَقَّنْ على ذَلِكَ وَشَكَّ بِأَنَّ عَمْرًا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ (لَمْ أَفْهَمْ جَيِّدًا) أَيْ لَمْ أَفْهَمْ فَهْمًا كَامِلًا إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سُفْيَانَ بِأَنَّ عَمْرًا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ لَمْ أَفْهَمْ جَيِّدًا أَيْ لَمْ أَفْهَمْ كَامِلًا إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سُفْيَانَ بِأَنَّ عَمْرًا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لَكِنْ رَوَى الْحَدِيثَ سِتَّةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنْ سُفْيَانَ وَكُلُّهمْ رَوَوْهُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ بِلَا شَكٍّ
قَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ حَدِيثُ سمعت النبي يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute