للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَوْصِلِيِّ الْحَنْبَلِيِّ أَنَّ الضَّادَ وَالظَّاءَ وَالذَّالَ مُتَشَابِهَةٌ فِي السَّمْعِ وَالضَّادُ لَا تَفْتَرِقُ عَنِ الظَّاءِ إِلَّا بِاخْتِلَافِ الْمَخْرَجِ وَزِيَادَةِ الِاسْتِطَالَةِ فِي الضَّادِ وَلَوْلَاهُمَا لَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا عَيْنَ الْأُخْرَى انْتَهَى

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَزَرِيُّ فِي التَّمْهِيدِ فِي عِلْمِ التَّجْوِيدِ وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي النُّطْقِ بِالضَّادِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ ظَاءً لِأَنَّ الضَّادَ يُشَارِكُ الظَّاءَ فِي صِفَاتِهَا كُلِّهَا وَيَزِيدُ عَلَى الظَّاءِ بِالِاسْتِطَالَةِ فَلَوْلَا الِاسْتِطَالَةُ وَاخْتِلَافُ الْمَخْرَجَيْنِ لَكَانَتْ ظَاؤُهُمْ أكثر الشاميين وبعض أهل الشرق

وحكى بن جِنِّيٍّ فِي كِتَابِ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ الضَّادَ ظَاءً مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ كَلَامِهِمْ وَهَذَا قَرِيبٌ وَفِيهِ

تَوَسُّعٌ لِلْعَامَّةِ انْتَهَى

وَقَالَ فَخْرٌ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا أَنَّ اشْتِبَاهَ الضَّادِ بِالظَّاءِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشَابَهَةَ حَاصِلَةٌ فِيهِمَا جِدًّا وَالتَّمَيُّزَ عَسِيرٌ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ التَّكْلِيفُ بِالْفَرْقِ

وَبَيَانُ الْمُشَابَهَةِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُمَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا مِنَ الْحُرُوفِ الرَّخْوَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُمَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمُطْبَقَةِ وَالرَّابِعُ أَنَّ الظَّاءَ وَإِنْ كَانَ مَخْرُجُهُ مِنْ طَرْفِ اللِّسَانِ وَأَطْرَافِ الثَّنَايَا الْعُلْيَا وَمَخْرَجُ الضَّادِ مِنْ أَوَّلِ حَافَّةِ اللِّسَانِ وَمَا يَلِيهَا مِنَ الْأَضْرَاسِ إِلَّا أَنَّهُ حَصَلَ فِي الضَّادِ انْبِسَاطٌ لِأَجْلِ رَخَاوَتِهَا وَلِهَذَا السَّبَبِ يَقْرَبُ مَخْرَجُهُ الظَّاءَ وَالْخَامِسُ أَنَّ النُّطْقَ بِحَرْفِ الضَّادِ مَخْصُوصٌ بِالْعَرَبِ مُثْبَتٌ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُشَابَهَةَ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ شَدِيدَةٌ وَأَنَّ التَّمَيُّزَ عَسِيرٌ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ لَوْ كَانَ الْفَرْقُ مُعْتَبَرًا لَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَزْمِنَةِ الصَّحَابَةِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ دُخُولِ الْعَجَمِ فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ وُقُوعُ السُّؤَالِ عَنْ هَذَا الْبَتَّةَ عَلِمْنَا أَنَّ التَّمْيِيزَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ لَيْسَ فِي مَحَلِّ التَّكْلِيفِ انْتَهَى

وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ قَرَأَ الضَّالِّينَ بِالظَّاءِ مَكَانَ الضَّادِ أَوْ بِالذَّالِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَوْ قَرَأَ الدَّالِّينَ بِالدَّالِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ انْتَهَى

وَقَدْ طَالَ النِّزَاعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا

فَقِيلَ لَا يُقْرَأُ الضَّادُ مُشَابَهَةً بِالظَّاءِ وَمَنْ قَرَأَ هَكَذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بَلْ يُقْرَأُ الضَّادُ مُشَابَهَةً بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِخْرَاجِ الضَّادِ مِنْ مَخْرَجِهَا فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ الضَّادَ مُشَابَهَةً بِالظَّاءِ لِأَنَّ الضَّادَ تُشَارِكُ الظَّاءَ فِي صِفَاتِهَا كُلِّهَا وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بِالِاسْتِطَالَةِ فَلَوْلَا اخْتِلَافُ الْمَخْرَجَيْنِ وَالِاسْتِطَالَةُ فِي الضَّادِ لَكَانَتْ ظَاءً وَلَا يُقْرَأُ الضَّادُ مُشَابَهَةً بِالدَّالِ أَبَدًا وَهَذَا قَوْلُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ السَّيِّدِ نَذِيرٌ حُسَيْنُ الدَّهْلَوِيِّ وَشَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الْقَاضِي بَشِيرِ الدِّينِ الْقِنَّوْجِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ قِرَاءَةَ الدَّالِ مَكَانَ الضَّادِ تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ قَطْعًا لفساد المعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>