للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّيُوطِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَفْظَ أَيْضًا عَرَبِيَّةٌ وَقَدْ تَوَقَّفَ بِهِ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ هِشَامٍ

قُلْتُ وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ فِي الْكُسُوفِ أَنَّ الشَّمْسَ اسْوَدَّتْ حَتَّى آضَتْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَيْ صَارَتْ وَرَجَعَتْ

وَقَدْ أَثْبَتَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ كَمَا يَظْهَرُ مِنَ اللِّسَانِ

وَالْمَعْنَى أَلَمْ يَكْفِكَ أَنْ فَاتَكَ فَضْلُ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ حَتَّى أَضَفْتَ إِلَيْهِ تَرْكَ الْغُسْلِ وَاقْتَصَرْتَ عَلَى الوضوء أيضا (أو لم تَسْمَعُوا) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ (إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ) الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغُسْلَ يَعْقُبُ الْمَجِيءَ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادَ وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ قَالَ الحافظ بن حَجَرٍ وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة فَإِنَّ الْمَعْنَى إِذَا أَرَدْتُمُ الْمُنَاجَاةَ بِلَا خِلَافٍ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ غُسْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَشْبَهَ أَنْ يَأْمُرَ عُمَرُ عُثْمَانَ أَنْ يَنْصَرِفَ فَيَغْتَسِلَ فَدَلَّ سُكُوتُ عُمَرَ وَمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الْوُجُوبِ وَلَيْسَ يَجُوزُ عَلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمَنْ بِحَضْرَتِهِمَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ

انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ عَوَّلَ أَكْثَرُ الْمُصَنِّفِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَابْنِ خزيمة والطبراني والطحاوي وبن حبان وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَلُمَّ جَرًّا وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَافَقُوهُمَا عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ قَوِيٌّ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ

[٣٤١] (غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ وَالِاسْتِحْبَابِ دُونَ وُجُوبِ الْفَرْضِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ حَقُّكَ عَلَيَّ وَاجِبٌ وَأَنَا أُوجِبُ حَقَّكَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْنَى اللُّزُومِ وَالَّذِي لَا يَسَعُ غَيْرُهُ وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ حَدِيثُ عُمَرَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذكره انتهى

قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ عُمْدَةِ الْأَحْكَامِ ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى اسْتِحْبَابِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ مُخَالَفَةِ هَذَا الظَّاهِرِ وَقَدْ أَوَّلُوا صِيغَةَ الْأَمْرِ عَلَى النَّدْبِ وَصِيغَةَ الْوُجُوبِ عَلَى التَّأْكِيدِ كَمَا يُقَالُ إِكْرَامُكَ عَلَيَّ وَاجِبٌ وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِذَا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>