طَيْلَسَانَ (مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ) أَيْ مُرَقَّعٌ جَيْبُهَا وَكُمَّاهَا وَفَرْجَاهَا بِشَيْءٍ مِنَ الدِّيبَاجِ وَالْكَفُّ عَطْفُ أَطْرَافِ الثَّوْبِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ جَعَلَ لَهَا كُفَّةً بِضَمِّ الْكَافِ هُوَ مَا يُكَفُّ بِهِ جَوَانِبُهَا وَيُعْطَفُ عَلَيْهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الذَّيْلِ وَفِي الْفَرْجَيْنِ وَفِي الْكُمَّيْنِ
قَالَ وَأَمَّا إِخْرَاجُ أَسْمَاءَ جُبَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَدَتْ بِهَا بَيَانَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُحَرَّمًا
وَهَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الثَّوْبَ وَالْجُبَّةَ وَالْعِمَامَةَ وَنَحْوَهَا إِذَا كَانَ مَكْفُوفَ الطَّرَفِ بِالْحَرِيرِ جَازِمًا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعٍ فَإِنْ زَادَ فَهُوَ حَرَامٌ لِحَدِيثِ عُمَرَ يَعْنِي مَا مَرَّ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ الْحَدِيثَ
قَالَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ وَثِيَابِهِمْ وَفِيهِ جواز لباس الجبة ولباس ماله فَرْجَانِ وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ انْتَهَى
وَاعْلَمْ أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَكْرَهُ الْعَلَمَ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ وَيَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَحَدِيثُ الْبَابِ وَحَدِيثُ عُمَرَ الْمَذْكُورِ يَدُلَّانِ عَلَى الْجَوَازِ إِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَهُوَ مَذْهَبُ الجمهور
قال المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ نَحْوَهُ مُخْتَصَرًا
[٤٠٥٥] (عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَهُوَ الَّذِي جَمِيعُهُ حَرِيرٌ لَا يُخَالِطُهُ قُطْنٌ وَلَا غَيْرُهُ قاله بن رَسْلَانَ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَكُونُ سَدَاهُ وَلُحْمَتُهُ مِنَ الْحَرِيرِ لَا شَيْءَ غَيْرَهُ وَمُفَادُ الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ (وَسَدَى الثَّوْبِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالدَّالِ بِوَزْنِ الْحَصَى وَيُقَالُ سَتَى بِمُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ بَدَلَ الدَّالِ لُغَتَانِ بِمَعْنَىً وَاحِدٍ وَهُوَ خِلَافُ اللَّحْمَةِ وَهِيَ الَّتِي تُنْسَجُ مِنَ الْعَرْضِ وَذَاكَ مِنَ الطُّولِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ السَّدَى مِنَ الْحَرِيرِ وَاللَّحْمَةُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْقُطْنِ وَالصُّوفِ (فَلَا بَأْسَ) لِأَنَّ تَمَامَ الثَّوْبِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِلُحْمَتِهِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ مَا خَالَطَهُ الْحَرِيرُ إِذَا كَانَ غَيْرَ الْحَرِيرِ الْأَغْلَبُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ
وَذَهَبَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عُمَرَ وَالتَّابِعِينَ كَابْنِ سِيرِينَ إِلَى تَحْرِيمِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ الْحَدِيثَ لِتَفْسِيرِ الْقَسِّيِّ بِأَنَّهُ مَا خَالَطَ غَيْرُ الْحَرِيرِ فِيهِ الْحَرِيرَ كَمَا مَرَّ
قَالَ الْحَافِظُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ طُرُقِ الْحَدِيثِ فِي تَفْسِيرِ الْقَسِّيِّ أَنَّهُ الَّذِي يُخَالِطهُ الْحَرِيرُ لَا أَنَّهُ الْحَرِيرُ الصِّرْفُ وَمِنْ أَدِلَّةِ الْجُمْهُورِ الرُّخْصَةُ فِي الْعَلَمِ مِنَ الْحَرِيرِ فِي الثَّوْبِ قَالُوا إِذَا جَازَ الْحَرِيرُ الْخَالِصُ