بِالْخُيَلَاءِ
وَحَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاجِبٌ وَأَمَّا كَوْنُ الظَّاهِرِ مِنْ عَمْرٍو أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الْخُيَلَاءَ فَمَا بِمِثْلِ هَذَا الظَّاهِرِ تُعَارَضُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ إِسْبَالٍ مِنَ الْمَخِيلَةِ إِنْ فَعَلَهُ قَصْدًا
وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفَتْحِ فَأَجَادَ وَأَصَابَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
[٤٠٨٦] (مُسْبِلًا إِزَارَهُ) أَيْ مُرْسِلًا إِزَارَهُ تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ (اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ) قِيلَ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْوُضُوءِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ مُرْتَكِبُ مَعْصِيَةٍ لِمَا اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِهِمْ أَنَّ الْوُضُوءَ يُكَفِّرُ الْخَطَايَا وَيُزِيلُ أَسْبَابَهَا كَالْغَضَبِ وَنَحْوِهِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ لَعَلَّ السِّرَّ فِي أَمْرِهِ بِالتَّوَضِّي وَهُوَ طَاهِرٌ أَنْ يَتَفَكَّرَ الرَّجُلُ فِي سَبَبِ ذَلِكَ الْأَمْرِ فَيَقِفَ عَلَى شَنَاعَةِ مَا ارْتَكَبَهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِبَرَكَةِ أَمْرِ رَسُولِ الله بِطَهَارَةِ الظَّاهِرِ يُطَهِّرُ بَاطِنَهُ مِنِ التَّكَبُّرِ وَالْخُيَلَاءِ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ الظَّاهِرَةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي طَهَارَةِ الْبَاطِنِ (مالك أَمَرْتَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ طَاهِرٌ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَشْدِيدِ أَمْرِ الْإِسْبَالِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ الْمُسْبِلِ وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو جَعْفَرٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ انْتَهَى
قُلْتُ وَالْحَدِيثُ سَنَدُهُ حَسَنٌ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ فِي بَاب مَنْ قَالَ يَتَّزِرُ بِهِ إِذَا كَانَ ضَيِّقًا مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِينَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ انْتَهَى
[٤٠٨٧] (عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (عَنْ خَرَشَةَ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ (لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ) أَيْ لَا يُكَلِّمُهُمْ بِكَلَامِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَبِإِظْهَارِ الرضى بَلْ بِكَلَامِ أَهْلِ السُّخْطِ وَالْغَضَبِ وَقِيلَ الْمُرَادُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمْ
وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ لَا يُكَلِّمُهُمْ كَلَامًا يَنْفَعُهُمْ وَيَسُرُّهُمْ (وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) أَيْ يعرض عنهم