(أَتَعُدُّهَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَتَرَاهَا أَيْ أَنَعُدُّ يَا أَيُّهَا الْمِقْدَامُ حَادِثَةَ مَوْتِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مُصِيبَةً وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّهُ مَا عَرَفَ قَدْرَ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى قَالَ مَا قَالَ فَإِنَّ مَوْتَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ وَجَزَى اللَّهُ الْمِقْدَامَ وَرَضِيَ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَا سَكَتَ عَنْ تَكَلُّمِ الْحَقِّ حَتَّى أَظْهَرَهُ وَهَكَذَا شَأْنُ الْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ الْمُخْلِصِ (فَقَالَ) أَيِ الْمِقْدَامُ (لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْفُلَانِ وَهُوَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَقَدْ وَضَعَهُ) أَيِ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (فَقَالَ هَذَا) أَيِ الْحَسَنُ (مِنِّي وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ) أَيِ الْحَسَنُ يُشْبِهُنِي وَالْحُسَيْنُ يُشْبِهُ عَلِيًّا وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْحَسَنِ الْحِلْمَ وَالْأَنَاةَ كَالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الْحُسَيْنِ الشِّدَّةُ كَعَلِيٍّ
قَالَهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ
(فَقَالَ الْأَسَدِيُّ) أَيْ طَلَبًا لِرِضَاءِ مُعَاوِيَةَ وَتَقَرُّبًا إِلَيْهِ (جَمْرَةٌ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ جَمْرَةُ النَّارِ الْقِطْعَةُ الْمُتَلَهِّبَةُ
وَفِي الْقَامُوسِ النَّارُ الْمُتَّقِدَةُ (أَطْفَأَهَا اللَّهُ) أَيْ خمد اللَّهُ تَعَالَى تِلْكَ الْجَمْرَةَ وَأَمَاتَهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ إِنَّ حَيَاةَ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَتْ فِتْنَةً فَلَمَّا تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى سَكَنَتِ الْفِتْنَةُ فَاسْتَعَارَ مِنَ الْجَمْرَةِ بِحَيَاةِ الْحَسَنِ وَمِنْ إِطْفَائِهَا بِمَوْتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنَّمَا قَالَ الْأَسَدِيُّ ذَلِكَ الْقَوْلَ الشَّدِيدَ السَّخِيفَ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ زَوَالِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ وَخُرُوجَ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهِ وَكَذَا خُرُوجَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِذَا خَطَبَ مَرَّةً فَقَالَ مُخَاطِبًا لِابْنِهِ يَزِيدَ وَإِنِّي لَسْتُ أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ يُنَازِعَنَّكَ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ الْأَسَدِيُّ ذَلِكَ الْقَوْلَ لِيُرْضِيَ بِهِ مُعَاوِيَةَ وَيَفْرَحَ بِهِ (قَالَ) خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ (فَقَالَ الْمِقْدَامُ) مُخَاطِبًا لِمُعَاوِيَةَ (أَمَّا أَنَا) فَلَا أَقُولُ قَوْلًا بَاطِلًا الَّذِي يَسْخَطُ بِهِ الرَّبُّ كَمَا قَالَ الْأَسَدِيُّ طَلَبًا لِلدُّنْيَا وَتَقَرُّبًا إِلَيْكَ وَمُرِيدًا لِرِضَاكَ بَلْ أَقُولُ كَلَامًا صَحِيحًا وَقَوْلًا حَقًّا (فَلَا أَبْرَحُ) أَيْ فَلَا أَزَالُ (الْيَوْمَ حَتَّى أُغَيِّظَكَ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ أَيْ أُغْضِبَكَ وَأُسْخِطَكَ (وَأُسْمِعَكَ) مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ (مَا تَكْرَهُ) مِنَ الْقَوْلِ فَإِنِّي لَا أُبَالِي بِسَخَطِكَ وَغَضَبِكَ وَإِنِّي جَرِيءٌ عَلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ فَأَقُولُ عِنْدَكَ مَا هُوَ الْحَقُّ وَإِنْ كُنْتَ تَكْرَهُ وَتَغْضَبُ عَلَيَّ (ثُمَّ قَالَ) الْمِقْدَامُ (يَا مُعَاوِيَةُ) اسْمَعْ مِنِّي مَا أَقُولُ (إِنْ أَنَا صَدَقْتُ) فِي كَلَامِي (فَصَدِّقْنِي) فِيهِ وَهُوَ أَمْرٌ مِنَ التَّفْعِيلِ (وَإِنْ أَنَا كَذَبْتُ) فِي كَلَامِي (فَكَذِّبْنِي) فِيهِ (قَالَ) مُعَاوِيَةُ (أَفْعَلُ) كَذَلِكَ (فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ) أَيْ أَسْأَلُكَ بِهِ وَأُذَكِّرُكَ إِيَّاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute