للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيُخَيِّلُ الشَّيْءَ بِصُورَةِ عَكْسِهِ وَإِمَّا أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ بَاطِنَ الْجَنَّةِ الَّتِي يُسَخِّرُهَا الدَّجَّالُ نَارًا وَبَاطِنَ النَّارِ جَنَّةً وَهَذَا الرَّاجِحُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنِ النِّعْمَةِ وَالرَّحْمَةِ بِالْجَنَّةِ وَعَنِ الْمِحْنَةِ وَالنِّقْمَةِ بِالنَّارِ فَمَنْ أَطَاعَهُ فَأَنْعَمَ عليه بجنته يؤول أَمْرُهُ إِلَى دُخُولِ نَارِ الْآخِرَةِ وَبِالْعَكْسِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْمِحْنَةِ وَالْفِتْنَةِ فَيَرَى النَّاظِرُ إِلَى ذَلِكَ مِنْ دَهْشَتِهِ النَّارَ فَيَظُنُّهَا جَنَّةً وَبِالْعَكْسِ

انْتَهَى (فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ ذَلِكَ) أَيِ الدَّجَّالَ أَوْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَلْبِيسِهِ (سَيَجِدُهُ مَاءً) أَيْ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْ بِالْقَلْبِ أَوْ بِحَسَبِ الْمَآلِ

وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْحَالِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا

[٤٣١٦] مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ) أَيْ خَوَّفَهُمْ بِهِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ بَعْدَ نُوحٍ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ وَعِنْدَ أَحْمَدَ لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ أُمَّتَهُ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ أَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عن بن عُمَرَ

وَقَدِ اسْتَشْكَلَ إِنْذَارُ نُوحٍ قَوْمَهُ بِالدَّجَّالِ مَعَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ قَدْ ثَبَتَتْ أَنَّهُ يَخْرُجُ بَعْدَ أُمُورٍ ذُكِرَتْ وَأَنَّ عِيسَى يَقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ يَنْزِلَ مِنَ السَّمَاءِ فَيَحْكُمُ بِالشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ خُرُوجِهِ أَخْفَى عَلَى نُوحٍ وَمَنْ بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُمْ أُنْذِرُوا بِهِ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُمْ وَقْتَ خُرُوجِهِ فَحَذَّرُوا قَوْمَهُمْ مِنْ فتنته ويؤيده قوله فِي بَعْضِ طُرُقِهِ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَّ لَهُ وَقْتُ خُرُوجِهِ وَعَلَامَاتِهِ فَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَالَهُ وَوَقْتَ خُرُوجِهِ فَأُخْبِرَ بِهِ فَبِذَلِكَ تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ

انْتَهَى (أَلَا) حَرْفُ التَّنْبِيهِ (وَإِنَّهُ) أَيِ الدَّجَّالَ (أَعْوَرٌ وَإِنَّ رَبّكَمْ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرٍ) إِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّ أَدِلَّةَ الْحُدُوثِ فِي الدَّجَّالِ ظَاهِرَةٌ لِكَوْنِ الْعَوَرِ أَثَرٌ مَحْسُوسٌ يُدْرِكُهُ الْعَالِمُ وَالْعَامِّيُّ وَمَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ فَإِذَا ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَهُوَ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ وَالْإِلَهُ يَتَعَالَى عَنِ النَّقْصِ عُلِمَ أَنَّهُ كَاذِبٌ

ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ (وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَكْتُوبًا بِالنَّصْبِ وَفِي بعض نسخ البخاري الذي شرح الحافظ بن حَجَرٍ عَلَيْهِ وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ

قَالَ الْحَافِظُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْجُمْهُورِ مَكْتُوبًا وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ إِمَّا اسْمُ إِنَّ وَإِمَّا حَالٌ وَتَوْجِيهُ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>