للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا) بِصِيغَةِ الْخِطَابِ مِنْ بَابِ تَفَعَّلَ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُ الْحَجْرِ الْمَنْعُ وَمِنْهُ الْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ وَهُوَ مَنْعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَقَبْضُ يَدِهِ عَنْهُ يَقُولُ لَهُ لَقَدْ ضَيَّقْتَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَا وَسَّعَهُ وَمَنَعْتَ مِنْهَا مَا أَبَاحَهُ

انْتَهَى

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ ضَيَّقْتَ مَا وَسَّعَهُ اللَّهُ وَخَصَصْتَ بِهِ نَفْسَكَ دُونَ غَيْرِكَ

انْتَهَى

(فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَزَجَرَهُ النَّاسُ وَلِمُسْلِمٍ فَقَالَ الصَّحَابَةُ مَهْ مَهْ وَلَهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فَصَاحَ النَّاسُ بِهِ (فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عَنْ زَجْرِهِمْ (إِنَّمَا بُعِثْتُمْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (مُيَسِّرِينَ) حَالٌ أَيْ مُسَهِّلِينَ عَلَى النَّاسِ (وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ) عَطْفٌ عَلَى السَّابِقِ عَلَى طَرِيقِ الطَّرْدِ وَالْعَكْسِ مُبَالَغَةً فِي الْيُسْرِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ

أَيْ فَعَلَيْكُمْ بِالتَّيْسِيرِ أَيُّهَا الْأُمَّةَ (صُبُّوا) الصَّبُّ السَّكْبُ (عَلَيْهِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارَيِّ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ (سَجْلًا مِنْ مَاءٍ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ هُوَ الدَّلْوُ مَلْأَى وَلَا يُقَالُ لَهَا ذلك وهي فارغة

وقال بن دُرَيْدٍ السَّجْلُ الدَّلْوُ وَاسِعَةٌ وَفِي الصَّحَّاحِ الدَّلْوُ الضَّخِيمَةُ (أَوْ قَالَ ذَنُوبًا) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ

قال الخليل الدلو ملأى ماء

وقال بن فارس الدلو العظيمة

وقال بن السِّكِّيتِ فِيهَا قَرِيبٌ مِنَ الْمَلَاءِ وَلَا يُقَالُ لَهَا وَهِيَ فَارِغَةٌ ذَنُوبٌ فَعَلَى التَّرَادُفِ أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي وَإِلَّا فَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَإِنَّ رِوَايَةَ أَنَسٍ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّهَا ذَنُوبٌ

قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا وَرَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمُكَاثَرَةِ وَالْغَلَبَةِ طَهَّرَهَا وَأَنَّ غُسَالَةَ النَّجَاسَاتِ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَبِنْ لِلنَّجَاسَةِ فِيهَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَاءُ طَاهِرًا لَكَانَ الْمَصْبُوبُ مِنْهُ عَلَى الْبَوْلِ أَكْثَرَ تَنْجِيسًا لِلْمَسْجِدِ مِنَ الْبَوْلِ نَفْسِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طهارته

انتهى كلامه

وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى تَطْهِيرِ الْأَرْضِ النَّجِسَةِ بِالْمُكَاثَرَةِ بِالْمَاءِ وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ يُكْتَفَى بِإِفَاضَةِ الْمَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ نَقْلُ التُّرَابِ مِنَ الْمَكَانِ بَعْدَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهِ

وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِنَقْلِ التُّرَابِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِصَبِّ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَأَمَرَ بِهِ وَلَوْ أَمَرَ بِهِ لَذُكِرَ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ الْأَمْرُ بِنَقْلِ التُّرَابِ وَلَكِنَّهُ تُكُلِّمَ فِيهِ

وَأَيْضًا لَوْ كَانَ نَقْلُ التُّرَابِ وَاجِبًا فِي التَّطْهِيرِ لَاكْتَفَى بِهِ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِصَبِّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ يَكُونُ زِيَادَةَ تَكْلِيفٍ وَتَعَبٍ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>