قلت قد أطنب الحافظ بن حجر الكلام في أن بن الصَّيَّادِ هَلْ هُوَ الدَّجَّالُ أَوْ غَيْرُهُ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ فِي بَابِ مَنْ رَأَى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ إِلَخْ فَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَارْجِعْ إليه
[٤٣٢٩] (وهو) أي بن صَائِدٍ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ) جَمْعُ الْغُلَامِ (عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ) قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَغَالَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ
قَالَ الْقَاضِي وَبَنُو مَغَالَةَ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى يَمِينِكِ إِذَا وَقَفْتَ آخِرَ الْبَلَاطِ مُسْتَقْبِلَ مَسْجِدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم
والأصم بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالطَّاءِ هُوَ الْحِصْنُ جَمْعُهُ آطَامٌ انتهى
وقال القارىء بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَنُقِلَ بِالضَّمِّ وَالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ قَبِيلَةٌ وَالْأُطُمُ الْقَصْرُ وَكُلُّ حِصْنٍ مَبْنِيٌّ بِحِجَارَةٍ وَكُلُّ بَيْتٍ مُرَبَّعٌ مُسَطَّحٌ الْجَمْعُ آطَامٌ وَأُطُومٌ كَذَا فِي الْقَامُوسِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْمَشْهُورُ مَغَالَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ انْتَهَى (فَلَمْ يَشْعُرْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أي لم يدر بن الصَّيَّادِ مُرُورَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ وإتيانه لأنه النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ عَلَى غفلة منه (ظهره) أي ظهر بن صَيَّادٍ (بِيَدِهِ) أَيِ الْكَرِيمَةِ (ثُمَّ قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم (فقال) أي بن صَيَّادٍ (أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ) قَالَ الْقَاضِي يُرِيدُ بِهِمُ الْعَرَبَ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ كَانُوا لَا يَكْتُبُونَ ولا يقرؤون
وَمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا مِنْ قِبَلِ الْمَنْطُوقِ لَكِنَّهُ يُشْعِرُ بِبَاطِلٍ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومِ وَهُوَ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْعَرَبِ غَيْرَ مَبْعُوثٍ إِلَى الْعَجَمِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْيَهُودِ وَهُوَ إِنْ قَصَدَ بِهِ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُلْقِي إِلَيْهِ الْكَاذِبُ الَّذِي يَأْتِيهُ وَهُوَ شَيْطَانُهُ انتهى
كذا في المرقاة (ثم قال بن صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ تَرَكَ سُؤَالَهُ الْإِسْلَامَ لِيَأْسِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي سُؤَالِهِ عَمَّا يَرَى
وَفِي الْمِشْكَاةِ فَرَصَّهُ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ المهملة
قال القارىء أَيْ ضَغَطَهُ حَتَّى ضَمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ انْتَهَى (فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ)
فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ لَمْ يَقْتُلْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّهُ ادَّعَى بِحَضْرَتِهِ النُّبُوَّةَ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ فِي أَيَّامِ مُهَادَنَةِ الْيَهُودِ وَحُلَفَائِهِمْ
وَجَزَمَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ بِهَذَا الْجَوَابِ الثَّانِي
قَالَ وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ إِنَّمَا جَرَتْ مَعَهُ أَيَّامَ مُهَادَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اليهود وحلفائهم وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعْدَ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ كَتَبَ بَيْنَهُ