مُطْلَقًا وَقَدْ جَاءَ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نَصِيفَهُ وَلِأَنَّ الصَّحَابِيَّ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ هَذَا عَلَى إِطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ الْأَعْمَالَ تَشْرُفُ بِثَمَرَاتِهَا وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْغَرِيبَ فِي آخِرِ الْإِسْلَامِ كالغريب في أوله وبالعكس لقوله عليه السلام بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ مِنْ أُمَّتِي يُرِيدُ الْمُنْفَرِدِينَ عَنْ أَهْلِ زَمَانِهِمْ إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَنَقُولُ الْإِنْفَاقُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مَدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ أَيْ مُدَّ الْحِنْطَةِ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ تِلْكَ النَّفَقَةَ أَثْمَرَتْ فِي فَتْحِ الْإِسْلَامِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ مَا لَا يُثْمِرُ غَيْرُهَا وَكَذَلِكَ الْجِهَادُ بِالنُّفُوسِ لَا يَصِلُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِيهِ إِلَى فَضْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ لِقِلَّةِ عَدَدِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَقِلَّةِ أَنْصَارِهِمْ فَكَانَ جِهَادُهُمْ أَفْضَلَ وَلِأَنَّ بَذْلَ النَّفْسِ مَعَ النُّصْرَةِ وَرَجَاءِ الْحَيَاةِ لَيْسَ كَبَذْلِهَا مَعَ عَدَمِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر جَعَلَهُ أَفْضَلَ الْجِهَادِ لِيَأْسِهِ مِنْ حَيَاتِهِ وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ بَيْنَ ظُهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَإِظْهَارِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ شَاقٌّ عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ الْمُعِينِ وَكَثْرَةِ الْمُنْكَرِ فِيهِمْ كَالْمُنْكِرِ عَلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَكُونُ القابض كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ لَا يَسْتَطِيعُ دَوَامَ ذَلِكَ لِمَزِيدِ الْمَشَقَّةِ فَكَذَلِكَ الْمُتَأَخِّرُ فِي حِفْظِ دِينِهِ وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ فَلَيْسُوا كَذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْمُعِينِ وَعَدَمِ الْمُنْكَرِ فَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ الْحَدِيثُ انْتَهَى
كَذَا فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ
وَأَبُو ثَعْلَبَةَ اسْمُهُ جُرْثُومٌ وَأَبُو أُمَيَّةَ يُحْمِدُ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَفِي اسْمِ أَبِي ثَعْلَبَةَ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ قِيلَ جُرْثُومَةُ وَقِيلَ جُرْهُمٌ وَقِيلَ عَمْرٌو وَقِيلَ لاش وقيل لاشو وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي اسْمِ أَبِيهِ اخْتِلَافٌ قِيلَ نَاشِرٌ وَنَاشِبٌ وُجُرْهُمٌ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ
وَعُتْبَةُ هَذَا هُوَ الْعَبَّاسُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الْهَمْدَانِيُّ الشَّامِيُّ وَثَّقَهُ غَيْرَ وَاحِدٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَيُحْمِدُ بِضَمِّ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا مِيمٌ مَكْسُورَةٌ وَدَالٌ مُهْمَلَةٌ هَكَذَا قَيَّدَهُ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ وَغَيْرُهُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْخُشَنِيُّ مَنْسُوبٌ إِلَى خُشَنٍ بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَيَاءٍ آخِرِ الْحُرُوفِ سَاكِنَةٍ وَنُونٍ وَهُوَ خُشَيْنُ بْنُ نَمِرِ بْنِ وَبَرَةَ بَطْنٌ مِنْ قُضَاعَةَ وَعَامَّتُهُمْ بِالشَّامِ وَفِي فَزَارَةَ أَيْضًا خُشَيْنٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute