للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَيْلَتَكُمْ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِأَخْبِرُونِي قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ) أَيْ عِنْدَ انْتِهَاءِ مِائَةِ سَنَةٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ

وَقَالَ السِّنْدِيُّ وَاسْمُ إِنَّ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَلِلْبُخَارِيِّ فَإِنَّ رأس انتهى (منها) أي من تِلْكَ اللَّيْلَةِ (لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَعِيشُ بَعْدَهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ سَوَاءٌ قَلَّ عُمُرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ عَيْشِ أَحَدٍ يُوجَدُ بَعْدَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَوْقَ مِائَةِ سَنَةٍ

قَالَ وَفِيهِ احْتِرَازٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ

وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ شَذَّ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ بِمَوْتِ خَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى حَيَاتِهِ لِإِمْكَانِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَحْرِ لَا عَلَى الْأَرْضِ

وَقِيلَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْغَالِبِ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَيَاةِ الْخَضِرِ وَنُبُوَّتِهِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ حَيٌّ مَوْجُودٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْمَعْرِفَةِ وَحِكَايَاتُهُمْ فِي رُؤْيَتِهِ وَالِاجْتِمَاعِ بِهِ وَالْأَخْذِ عَنْهُ وَسُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ وَوُجُودِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الشَّرِيفَةِ وَمَوَاطِنِ الْخَيْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَرَ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ هُوَ حَيٌّ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالْعَامَّةِ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ وَإِنَّمَا شَذَّ بِإِنْكَارِهِ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ انْتَهَى

قُلْتُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ حَيَاةَ الْخَضِرِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ فَقَالَ اعْتَنَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِجَمْعِ الْحِكَايَاتِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ الصَّالِحِينَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ بَعْدَ الثَّالِثِ مِائَةٍ فَمَا بَلَغَتِ الْعِشْرِينَ مَعَ ما في أسانيد بعضها من يُضَعَّفُ لِكَثْرَةِ أَغْلَاطِهِ أَوْ إِيهَامِهِ بِالْكَذِبِ كَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ جَهْضَمٍ

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَاتَ الْخَضِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

قَالَ وَنَصَرَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَبْقَى على الأرض ممن هو عليها أَحَدٌ يُرِيدُ مِمَّنْ كَانَ حَيًّا حِينَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ انْتَهَى

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ وَلَا يَثْبُتُ اجْتِمَاعُ الْخَضِرِ مَعَ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ خَبَرِهِ وَجَمِيعُ مَا وَرَدَ فِي حَيَاتِهِ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ النَّقْلِ

وَأَمَّا مَا جَاءَ مِنَ الْمَشَائِخِ فَهُوَ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ كَيْفَ يَجُوزُ لِعَاقِلٍ أَنْ يَلْقَى شَخْصًا لَا يَعْرِفُهُ فَيَقُولُ لَهُ أَنَا فُلَانٌ فَيُصَدِّقُهُ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>