لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ) أَيِ الَّذِي تَرَكَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَخَرَجَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ وَانْفَرَدَ عَنْ أَمْرِهِمْ بِالرِّدَّةِ
فَقَوْلُهُ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِلتَّارِكِ لِدِينِهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مُرْتَدٍّ عَنِ الْإِسْلَامِ بِأَيِّ رِدَّةٍ كَانَتْ فَيَجِبُ قَتْلُهُ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْإِسْلَامِ
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَيَتَنَاوَلُ أَيْضًا كُلَّ خَارِجٍ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِبِدْعَةٍ أَوْ بَغْيٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَكَذَا الْخَوَارِجُ
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا عَامٌّ يُخَصُّ مِنْهُ الصَّائِلُ وَنَحْوُهُ فَيُبَاحُ قَتْلُهُ فِي الدَّفْعِ
وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ لَا يَحِلُّ تَعَمُّدُ قَتْلِهِ قَصْدًا إِلَّا فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ
[٤٣٥٣] (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ) أَيْ إِرَاقَةُ دَمِ شَخْصٍ (يَشْهَدُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لامرىء
وَقَالَ الطِّيبِيُّ صِفَةٌ مُمَيِّزَةٌ لَا كَاشِفَةٌ يَعْنِي إِظْهَارُهُ الشَّهَادَتَيْنِ كَافٍ فِي حَقْنِ دَمِهِ (إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاثٍ) أَيْ خِصَالٍ (رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ) أَيْ زِنَا رَجُلٍ زَانٍ مُحْصَنٍ (فَإِنَّهُ يُرْجَمُ) أَيْ يُقْتَلُ بِرَجْمِ الْحِجَارَةِ (وَرَجُلٌ) أَيْ وَخُرُوجُ رَجُلٍ (خَرَجَ) أَيْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَالَ كَوْنِهِ (مُحَارِبًا بِاللَّهِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ فِي الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة وَالْمُرَادُ بِهِ قَاطِعُ الطَّرِيقِ أَوِ الْبَاغِي قَالَهُ القارىء وفي بعض النسخ محاربا بالله بِاللَّامِ (فَإِنَّهُ يُقْتَلُ) أَيْ إِنْ قَتَلَ نَفْسًا بلا أخذ مال
كذا قيده القارىء
فَعَلَى هَذَا أَوْ لِلتَّفْصِيلِ وَإِذَا جَعَلَ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا الْقَيْدِ كَمَا هو مذهب بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ (أَوْ يُصَلَّبُ) أَيْ حَيًّا وَيُطْعَنُ حَيًّا حَتَّى يَمُوتَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ إِنَّهُ يُقْتَلُ وَيُصَلَّبُ نَكَالًا لِغَيْرِهِ إِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ (أَوْ يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ) أَيْ يُخْرَجُ مِنَ الْبَلَدِ إِلَى الْبَلَدِ لَا يَزَالُ يُطَالَبُ وَهُوَ هَارِبٌ وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقِيلَ يُنْفَى مِنْ بَلَدِهِ وَيُحْبَسُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَهَذَا مُخْتَارُ بن جرير
قال القارىء بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يُحْبَسُ إِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْإِخَافَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يحاربون الله ورسوله وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ أَوْ تُقْطَعَ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ لِيَكُونَ الْحَدِيثُ عَلَى طِبْقِ الْآيَةِ مُسْتَوْعِبًا وَلَعَلَّ حَذْفَهُ وَقَعَ مِنَ الرَّاوِي نِسْيَانًا أو اختصارا قال وأو فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ لِلتَّفْصِيلِ وَقِيلَ إِنَّهُ لِلتَّخْيِيرِ وَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ