والسارق والسارقة الْآيَةَ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْآيَةَ مُطْلَقٌ فِي جِنْسِ الْمَسْرُوقِ وَقَدْرِهِ وَالْحَدِيثُ بَيَانٌ لَهَا وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِبَعْضِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا يَثْبُتُ مِنْهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ النِّصَابِ الْبَتَّةَ
وَالْحَقُّ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ اشْتِرَاطِهِمْ لَهُ عَلَى أَقْوَالٍ بَلَغَتْ إِلَى عِشْرِينَ قَوْلًا وَالَّذِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ مِنْهَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ النِّصَابَ الَّذِي تُقْطَعُ بِهِ رُبْعُ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ وَهَذَا مَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ
وَالثَّانِي أَنَّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالرَّاجِحُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هَذَا تَلْخِيصُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ السُّبُلِ
قُلْتُ وَقَدْ بَيَّنَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي قَدْرِ النِّصَابِ بِالتَّفْصِيلِ مَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ النِّصَابِ وَقَدْرِهِ فَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لَا يُشْتَرَطُ نِصَابٌ بَلْ يُقْطَعُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ لَا تُقْطَعُ إِلَّا فِي نِصَابٍ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ النِّصَابِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ النِّصَابُ رُبْعُ دِينَارٍ ذَهَبًا أَوْ مَا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي رِوَايَةٍ تُقْطَعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا وَلَا قَطْعَ فِي مَا دُونَ ذَلِكَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا تُقْطَعُ إِلَّا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَمُوَافِقُوهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرَّحَ بِبَيَانِ النِّصَابِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَيْ أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ مِنْ لَفْظِهِ وَأَنَّهُ رُبْعُ دِينَارٍ وَأَمَّا بَاقِي التَّقْدِيرَاتِ فَمَرْدُودَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا مَعَ مُخَالَفَتِهَا لِصَرِيحِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَمَّا مَا يَحْتَجُّ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ رِوَايَةٍ جَاءَتْ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَهِيَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا يُعْمَلُ بِهَا لَوِ انْفَرَدَتْ فَكَيْفَ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِصَرِيحِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي التَّقْدِيرِ بِرُبْعِ دِينَارٍ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى أَنَّهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ اتِّفَاقًا لَا أَنَّهُ شُرِطَ ذَلِكَ فِي قَطْعِ السَّارِقِ انْتَهَى مُلَخَّصًا
[٤٣٨٣] (عَنْ عَمْرَةَ) أَيْ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (كَانَ يَقْطَعُ) أَيْ يَدَ السَّارِقِ (فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا) قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ يَخْتَصُّ هَذَا بِالْفَاءِ وَيَجُوزُ ثُمَّ بَدَلَهَا وَلَا تَجُوزُ الْوَاوُ
وَقَالَ بن جِنِّيٍّ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ أَيْ وَلَوْ زَادَ وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إِذَا زَادَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا صَاعِدًا
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ صَرِيحٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه