للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ارْجِعِي حَتَّى تَلِدِي) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّهُ لَا تُرْجَمُ الْحُبْلَى حَتَّى تَضَعَ سَوَاءٌ كَانَ حَمْلُهَا مِنْ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُقْتَلَ جَنِينُهَا وَكَذَا لَوْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ وَهِيَ حَامِلٌ لَمْ تُجْلَدْ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى تَضَعَ وَفِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُرْجَمُ إِذَا زَنَتْ وَهِيَ مُحْصَنَةٌ كَمَا يُرْجَمُ الرَّجُلُ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْصَنَةً لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَالْإِجْمَاعَ مُتَطَابِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرْجَمُ غَيْرُ الْمُحْصَنِ (حَتَّى تَفْطِمِيهِ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ أَيْ تَفْصِلِينَهُ مِنَ الرضاع كذا ضبطه القارىء وَفِي الْقَامُوسِ فَطَمَهُ يَفْطِمُهُ قَطَعَهُ وَالصَّبِيَّ فَصَلَهُ عَنِ الرَّضَاعِ فَهُوَ مَفْطُومٌ وَفَطِيمٌ انْتَهَى

وَضُبِطَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِضَمِّ التَّاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَلَطَ (وَقَدْ فَطَمَتْهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (وَفِي يَدِهِ) أَيْ فِي يَدِ الصَّبِيِّ (شَيْءٌ يَأْكُلُهُ) أَيْ يَأْكُلُ الصَّبِيُّ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَفِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ (فَأَمَرَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَدُفِعَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فَأَمَرَ بِهَا) أَيْ بِرَجْمِهَا (فَحُفِرَ لَهَا) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَحُفِرَ لَهَا إِلَى صَدْرِهَا

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تُخَالِفُ الرِّوَايَةَ السَّابِقَةَ فَإِنَّ هَذِهِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ رَجْمَهَا كَانَ بَعْدَ فِطَامِهِ وَأَكْلِهِ الْخُبْزَ وَالرِّوَايَةُ السَّابِقَةُ ظَاهِرُهَا أَنَّ رَجْمَهَا كَانَ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فَالْوَاجِبُ تَأْوِيلُ السَّابِقَةِ وَحَمْلُهَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالرِّوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ صَرِيحَةٌ لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهَا وَالسَّابِقَةُ لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ السَّابِقَةِ

هَذَا خُلَاصَةُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ

وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا مَرْأَتَيْنِ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ قُلْتُ هَذَا الِاحْتِمَالُ ضَعِيفٌ (عَلَى وَجْنَتِهِ) الْوَجْنَةُ أَعْلَى الْخَدِّ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ (فسبها) أي فشمتها (مَهْلًا) أَيْ أَمْهِلْ مَهْلًا وَارْفُقْ رِفْقًا فَإِنَّهَا مَغْفُورَةٌ فَلَا تَسُبَّهَا (لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ) قَالَ فِي النَّيْلِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ هُوَ مَنْ يَتَوَلَّى الضَّرَائِبَ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ انْتَهَى

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ أَنَّ الْمَكْسَ مِنْ أَقْبَحِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ الْمُوبِقَاتِ وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ مُطَالَبَاتِ النَّاسِ لَهُ وَظُلَامَاتِهِمْ عِنْدَهُ وَتَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُ وَانْتِهَاكِهِ لِلنَّاسِ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَصَرْفِهَا فِي غَيْرِ وَجْهِهَا (فَصُلِّيَ عَلَيْهَا) ضُبِطَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>