وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النفس بالنفس (إِلَى قَوْلِهِ) تَعَالَى (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الظالمون) نَزَلَ (فِي الْيَهُودِ) أَيْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ وَهُمْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ فَإِنَّ النَّضِيرَ قَدْ قَاتَلَتْ قُرَيْظَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَقَهَرَتْهُمْ فَكَانَ إِذَا قَتَلَ النَّضِيرِيُّ الْقُرَظِيَّ لَا يُقْتَلُ بِهِ بَلْ يُفَادَى بِمِائَةِ وَسْقٍ مِنَ التَّمْرِ وَإِذَا قَتَلَ الْقُرَظِيُّ النَّضِيرِيَّ قُتِلَ فَإِنْ فَادُوهُ فَدَوْهُ بِمِائَتَيْ وَسْقٍ مِنَ التَّمْرِ ضِعْفَيْ دِيَةِ الْقُرَظِيِّ فَغَيَّرُوا بِذَلِكَ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي التَّوْرَاةِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّتِي تَقَدَّمَتْ نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ
وَأَمَّا الْآيَةُ التَّالِيَةُ أَعْنِي وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى بن مريم (إِلَى قَوْلِهِ) تَعَالَى وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الفاسقون قَالَ فَنَزَلَتْ (هِيَ فِي الْكُفَّارِ كُلِّهَا) تَأْكِيدًا للكفار و (يعني) بِقَوْلِهِ هِيَ (هَذِهِ الْآيَةَ) التَّالِيَةَ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الكافرون وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الظالمون وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الفاسقون فِي الْكُفَّارِ كُلِّهَا انْتَهَى
وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبَيْنَ رِوَايَةِ الْكِتَابِ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ كُلَّهَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَلَكِنَّ حُكْمَهَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمْ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِيهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ فَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ نَاظِرَةٌ إِلَى الْحُكْمِ وَرِوَايَةُ الْكِتَابِ فِي الْآيَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ نَاظِرَةٌ إِلَى سَبَبِ النُّزُولِ وَأَمَّا الْآيَةُ الْأَخِيرَةُ فَهِيَ أَيْضًا نَاظِرَةٌ إِلَى الْحُكْمِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَمَاجِدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مسلم وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ انْتَهَى
[٤٤٤٩] (إِلَى الْقُفِّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ اسْمُ وَادٍ بِالْمَدِينَةِ (فَأَتَاهُمْ فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي يَدْرُسُونَ فِيهِ وَمِفْعَالٌ غَرِيبٌ فِي الْمَكَانِ انْتَهَى (وَوَضَعَ التَّوْرَاةَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوِسَادَةِ والظاهر أنه وَضَعَ التَّوْرَاةَ عَلَى الْوِسَادَةِ تَكْرِيمًا لَهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آمَنْتُ بِكِ وَبِمَنْ أَنْزَلَكِ (آمَنْتُ بِكَ) الْخِطَابُ لِلتَّوْرَاةِ (بِفَتًى شَابٍّ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صُورِيَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute