قَالَ الطِّيِبِيُّ الْعِثْكَالُ الْغُصْنُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ أَغْصَانٌ صِغَارٌ وَيُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَغْصَانِ شِمْرَاخًا انْتَهَى
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْعِثْكَالُ الْعِذْقُ وَكُلُّ غُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهِ شِمْرَاخٌ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْبُسْرُ (فَيَضْرِبُوهُ بِهَا) عَطْفٌ عَلَى يَأْخُذُوا
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَضْرِبُونَهَا وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ لِمِائَةِ شِمْرَاخٍ (ضَرْبَةً وَاحِدَةً) أَيْ مَرَّةً وَاحِدَةً
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا لَمْ يَحْتَمِلِ الْجَلْدَ ضُرِبَ بِعِثْكَالٍ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ أَوْ مَا يُشَابِهُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تُبَاشِرَهُ جَمِيعُ الشَّمَارِيخُ وَقِيلَ يَكْفِي الِاعْتِمَادُ وَهَذَا الْعَمَلُ مِنَ الْحِيَلِ الْجَائِزَةِ شَرْعًا وَقَدْ جَوَّزَ اللَّهُ مثله في قوله وخذ بيدك ضغثا الآية قاله الشوكاني
وقال بن الْهُمَامِ وَإِذَا زَنَى الْمَرِيضُ وَحَدُّهُ الرَّجْمُ بِأَنْ كَانَ مُحْصَنًا حُدَّ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ قَتْلُهُ وَرَجْمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَدُّهُ الْجَلْدَ لَا يُجْلَدُ حَتَّى يَبْرَأَ لِأَنَّ جَلْدَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى هَلَاكِهِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ
وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالسُّلِّ أَوْ كَانَ خِدَاجًا ضَعِيفَ الْخِلْقَةِ فَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُضْرَبُ بِعِثْكَالٍ فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَيُضْرَبُ بِهِ دَفْعَةً وَلَا بُدَّ مِنْ وُصُولِ كُلِّ شِمْرَاخٍ إِلَى بَدَنِهِ وَلِذَا قِيلَ لَا بُدَّ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ مَبْسُوطَةً انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَادَةَ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[٤٤٧٣] (عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ اسْمُهُ مَيْسَرَةُ الطُّهَوِيُّ الْكُوفِيُّ (فَجَرَتْ) أَيْ زَنَتْ (جَارِيَةٌ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَمَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَنَتْ (فَإِذَا) هِيَ لِلْمُفَاجَأَةِ (دَمٌ) أَيْ دَمُ النِّفَاسِ (يَسِيلُ) أَيْ يَجْرِي
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَإِذَا هِيَ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ (أَفَرَغْتَ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَفْرَغْتَ عَنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا (دَعْهَا) أَيِ اتْرُكْهَا (حَتَّى يَنْقَطِعَ دَمُهَا) أَيْ دَمُ نِفَاسِهَا (ثُمَّ أَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْرَأَ
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ وَالْجَمْعُ أَنَّ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ يُمْهَلُ وَمَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَا يُؤَخَّرُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَأَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى مَمْلُوكِهِ وَتَقَدَّمَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ