الْعَصْرِ إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ وَيَكُونُ بَاقِيًا مَا لَمْ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ
وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِهَا غروب الشمس واختلفوا فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وقت للمغرب لا وقت واحد
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ آخِرُ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِلَى أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ وَأَمَّا الشَّفَقُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ الحمرة وهو المروي عن بن عمر وبن عباس وهو قول مكحول وطاؤس وبه قال مالك والثوري وبن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ الشَّفَقُ الْبَيَاضُ
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ
وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسَ الشَّفَقُ الْبَيَاضُ
قَالَ بَعْضُهُمُ الشَّفَقُ اسْمٌ لِلْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضُ مَعًا إِلَّا أَنَّهُ إنما يطلق في أحمر ليس بقاني وَأَبْيَضَ لَيْسَ بِنَاصِعٍ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ الْمُرَادُ مِنْهُ بِالْأَدِلَّةِ لَا بِنَفْسِ الِاسْمِ كَالْقُرْءِ الَّذِي يَقَعُ اسْمُهُ عَلَى الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ مَعًا وَكَسَائِرِ نَظَائِرِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ
وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا ثُلُثُ اللَّيْلِ وَكَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِهِ قَالَ الشافعي
وقال الثوري وأصحاب الرأي وبن الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ آخِرُ وَقْتِهَا نِصْفُ اللَّيْلِ وَقَدْ روى عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَفُوتُ وَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ
وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِ الْفَجْرِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى ظاهر حديث بن عَبَّاسٍ وَهُوَ الْإِسْفَارُ وَذَلِكَ لِأَصْحَابِ الرَّفَاهِيَةِ وَلِمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ وَقَالَ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَمْ تَفُتْهُ الصُّبْحُ وَهَذَا فِي أَصْحَابِ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَاتِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مَنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ وَطَلَعَتْ لَهُ الشَّمْسُ أَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى وَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ فَجَعَلُوهُ مُدْرِكًا لِلصَّلَاةِ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ مَنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً مِنَ الْفَجْرِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ
انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيُّ مُلَخَّصًا مُحَرَّرًا وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ
[٣٩٤] (فأخر العصر شيئا) أي تأخير السير أولعله أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ الْمُخْتَارِ لِيَكُونَ مَحَلُّ الْإِنْكَارِ بِرِفْقٍ عَلَى طَرِيقِ الْإِخْبَارِ (أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ بِمَنْزِلَةِ أَلَا (اعْلَمْ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنَ الْعِلْمِ وَقِيلَ مِنَ الْإِعْلَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَعْلَمُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصحيح