للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَقُولُ إِنَّ الْعَصَبَةَ يَتَحَمَّلُونَ عَقْلَهَا كَمَا يَتَحَمَّلُونَ عَنِ الرَّجُلِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْعَبْدِ الَّذِي لَا يَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَتَهُ وَإِنَّمَا هِيَ فِي رَقَبَتِهِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمَا السُّدُسُ وَإِنَّمَا الْعَاقِلَةُ الْأَعْمَامُ وَأَبْنَاءُ الْعُمُومَةِ وَمَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ مِنَ الْعَصَبَةِ انْتَهَى (فَإِنْ قُتِلَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ الْمَرْأَةُ (فَعَقْلُهَا) أَيْ دِيَتُهَا (بَيْنَ وَرَثَتِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا أَصْحَابَ الْفَرَائِضِ أَوْ عَصَبَةً فَإِنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ كَسَائِرِ تَرِكَتِهَا فَلَا تَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ بَلْ تُقَسَّمُ أَوَّلًا بَيْنَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ يُقْسَمُ بَيْنَ الْعَصَبَةِ

بِخِلَافِ دِيَةِ الْمَرْأَةِ الْقَاتِلَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهَا بِسَبَبِ قَتْلِهَا فَإِنَّ الْعَصَبَةَ يَتَحَمَّلُونَهَا خَاصَّةً دُونَ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ أَنَّ الدِّيَةَ مَوْرُوثَةٌ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَمْلِكُهَا أَيَّامَ حَيَاتِهَا يَرِثُهَا زَوْجُهَا

وَقَدْ وَرَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا (وَهُمْ) أَيْ وَرَثَتُهَا (يَقْتُلُونَ قَاتِلَهُمْ) الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ قَاتِلَهَا أَيْ قَاتِلَ الْمَرْأَةِ وَلَكِنْ أُضِيفَ الْقَاتِلُ إِلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ بِقَتْلِهِ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ

وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَرَثَةَ يَرِثُونَ دِيَةَ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ وَيَأْخُذُونَهَا وَهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلَهَا فهم مختارون إن شاؤوا أخذوا الدية ولم يقتلوا قاتلها وإن شاؤا قَتَلُوا قَاتِلَهَا وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقٌّ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ دِيَةِ الْمَقْتُولِ وَلَا مِنْ تَرِكَتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْمَقْتُولِ (وَارِثٌ) أَيْ سِوَى الْقَاتِلِ (فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الْمَقْتُولِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ إِذَا قَتَلَ الْمُوَرِّثَ حُرِمَ مِيرَاثَهُ وَوَرِثَهُ مَنْ لَمْ يَقْتُلْ مِنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ إِلَّا الْقَاتِلُ فَإِنَّهُ يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ وَتُدْفَعُ تَرِكَتُهُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ الْقَاتِلِ وَهَذَا كَالرَّجُلِ يَقْتُلُهُ ابْنُهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَ ابْنِهِ الْقَاتِلِ وَلِلْقَاتِلِ ابْنٌ فَإِنَّ مِيرَاثَ الْمَقْتُولِ يدفع إلى بن الْقَاتِلِ وَيُحْرَمُ الْقَاتِلُ انْتَهَى

وَقِيلَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَارِثٌ ذُو فَرْضٍ وَالْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ ذُو فَرْضٍ فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إليه من العصابات كَذَا قِيلَ

قُلْتُ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالظَّاهِرُ هُوَ مَا قَالَ الْإِمَامُ الخطابي فتدبر (قال

<<  <  ج: ص:  >  >>