السُّجُودُ إِلَّا عَلَى الْجَبْهَةِ وَلَوْ جَازَ السُّجُودُ عَلَى ثَوْبٍ هُوَ لَابِسُهُ أَوِ الِاقْتِصَارُ مِنَ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْنَبَةِ دُونَ الْجَبْهَةِ لَمْ يَكُنْ يَحْتَاجُ إِلَى هَذَا الصَّنِيعِ وَفِيهِ أَنَّ الْعَمَلَ الْيَسِيرَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ
قُلْتُ قَوْلُهُ وَلَوْ جَازَ السُّجُودُ عَلَى ثَوْبٍ هُوَ لَابِسُهُ لَمْ يَكُنْ يَحْتَاجُ إِلَى هَذَا الصَّنِيعِ فِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ يُبَرِّدُ الْحَصَى لم يكن في ثوبه فضلة يسجد عليها مَعَ بَقَاءِ سُتْرَتِهِ لَهُ وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى من حديث خالد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ غَالِبٍ سَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الْحَرِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبِهِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُصَلِّي وَعَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الثِّيَابِ وَكَذَا غَيْرُهَا فِي الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ الْأَرْضِ لِاتِّقَاءِ حَرِّهَا وَكَذَا بَرْدِهَا وَعَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ فِي الصَّلَاةِ وَمُرَاعَاةُ الْخُشُوعِ فِيهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ صَنِيعَهُمْ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ التَّشْوِيشِ الْعَارِضِ مِنْ حَرَارَةِ الْأَرْضِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْأَمْرِ بِالْإِبْرَادِ كَمَا سَيَأْتِي يُعَارِضُهُ فَمَنْ قَالَ الْإِبْرَادُ رُخْصَةٌ فَلَا إِشْكَالَ وَمَنْ قَالَ سُنَّةٌ فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ التَّقْدِيمُ الْمَذْكُورُ رُخْصَةٌ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ مَنْسُوخٌ بِالْأَمْرِ بِالْإِبْرَادِ وَأَحْسَنُ مِنْهُمَا أَنْ يُقَالَ إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ قَدْ تُوجَدُ مَعَ الْإِبْرَادِ فَيُحْتَاجُ إِلَى السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ أَوْ إِلَى تَبْرِيدِ الْحَصَى لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَمِرُّ حَرُّهُ بَعْدَ الْإِبْرَادِ وَيَكُونُ فَائِدَةُ الْإِبْرَادِ وُجُودَ ظِلٍّ يَمْشِي فِيهِ إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ يُصَلِّي فِيهِ فِي الْمَسْجِدِ أَشَارَ إِلَى هذا الجمع القرطبي ثم بن دَقِيقِ الْعِيدِ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[٤٠٠] (فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ إِلَى خَمْسَةِ أَقْدَامٍ) أَيْ مِنَ الْفَيْءِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَبْلُغَ مَجْمُوعُ الظِّلِّ الْأَصْلِيِّ وَالزَّائِدِ هَذَا الْمَبْلَغَ لَا أَنْ يَصِيرَ الزَّائِدُ هَذَا الْمَبْلَغَ وَيُعْتَبَرُ الْأَصْلِيُّ سِوَى ذَلِكَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ فِي الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ وَلَا يَسْتَوِي فِي جَمِيعِ الْمُدُنِ وَالْأَمْصَارِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي طُولِ الظِّلِّ وَقِصَرِهِ هُوَ زِيَادَةُ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَانْحِطَاطِهَا فَكُلَّمَا كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute