للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْقَتْلُ خَطَأً فَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَمْ يُقَدْ بِهِ وَيُضَاعَفُ عَلَيْهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ دِيَتُهُ دِيَةُ الْمُسْلِمِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَمُجَاهِدٍ وَيُرْوَى ذَلِكَ عن عمر وبن مَسْعُودٍ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهْوَيْهِ دِيَتُهُ الثُّلُثُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ قول بن الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَكَذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ أَوْلَى وَلَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ وَقَدْ قَالَ بِهِ أَحْمَدُ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثٌ آخَرُ وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده قال كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ثمان مائة دِينَارٍ وَثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفَ انْتَهَى

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

فَتَكُون دِيَتهمْ فِي رِوَايَته فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم ثُمَّ لَمْ يَرْفَعهَا عُمَر فِيمَا رَفَعَ مِنْ الدية فكأنه علم أنها في أَهْل الْكِتَاب تَوْقِيف وَفِي أَهْل الْإِسْلَام تَقْوِيم

قَالَ وَاَلَّذِي يُؤَكِّد مَا قُلْنَا حَدِيث جَعْفَر بن عون عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ عَلَى كُلّ مُسْلِم قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْل الْكِتَاب أَرْبَعَة آلَاف وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْ هَذَا مَا يُوجِب تَرْكَ الْقَوْل بِحَدِيثِ عَمْرو بْن شُعَيْب

أَمَّا الْمَأْخَذ الْأَوَّل وَهُوَ الْأَخْذ بِأَقَلّ مَا قِيلَ فَالشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه كَثِيرًا مَا يَعْتَمِدهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُجْمَع عَلَيْهِ وَلَكِنْ إِنَّمَا يَكُون دَلِيلًا عِنْد اِنْتِفَاء مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ وَهُنَا النَّصّ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ

وَأَمَّا الْمَأْخَذ الثَّانِي فَضَعِيف جِدًّا فَإِنَّ حديث بن جُرَيْجٍ وَحُسَيْنًا الْمُعَلِّم وَغَيْرهمَا عَنْ عَمْرو صَرِيحَة فِي التَّنْصِيف

فَفِي أَحَدهمَا قَالَ نِصْف دِيَة الْمُسْلِم وَالْآخَر قَالَ أَرْبَعَة آلَاف مَعَ قَوْله كَانَتْ دِيَة الْمُسْلِم ثَمَانِيَة آلَاف

فَالرِّوَايَتَانِ صَرِيحَتَانِ فِي أَنَّ تَنْصِيفهَا تَوْقِيف وَسُنَّة مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْف يُتْرَك ذلك باجتهاد عمر رضي الله عنه فِي رَفْع دِيَة الْمُسْلِم

ثُمَّ إِنَّ عُمَر لَمْ يَرْفَع الدِّيَة فِي الْقَدْر وَإِنَّمَا رَفَعَ قيمة الإبل لما غلت فهو رضي الله عنه رَأَى أَنَّ الْإِبِل هِيَ الْأَصْل فِي الدِّيَة

فَلَمَّا غَلَتْ اِرْتَفَعَتْ قِيمَتهَا فَزَادَ مِقْدَار الدِّيَة مِنْ الْوَرِق زِيَادَة تَقْوِيم لَا زِيَادَة قَدْر فِي أَصْل الدِّيَة

وَمَعْلُوم أَنَّ هَذَا لَا يُبْطِل تَنْصِيف دِيَة الْكَافِر عَلَى دِيَة الْمُسْلِم بَلْ أَقَرَّهَا أَرْبَعَة آلَاف كَمَا كَانَتْ فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ الأربعة الآلاف حِينَئِذٍ هِيَ نِصْف الدِّيَة

وَقَوْله عَلِمَ أَنَّهَا فِي أَهْل الْكِتَاب تَوْقِيف فَهُوَ تَوْقِيف تَنْصِيف كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الرِّوَايَة

فَعُمَر أَدَّاهُ اِجْتِهَاده إلى ترك الأربعة الآلاف كَمَا كَانَتْ فَصَارَتْ ثُلُثًا بِرَفْعِهِ دِيَة الْمُسْلِم لَا بِالنَّصِّ وَالتَّوْقِيف

وَهَذَا ظَاهِر جِدًّا وَالْحُجَّة إِنَّمَا هِيَ فِي النَّصّ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاء فِي هذه المسألة

<<  <  ج: ص:  >  >>