فَيَعُمَّ وَيَخُصَّ وَأَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ فَيُشَرِّعَ مَا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ لَهُ ذِكْرٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الْحُكْمِ وَلُزُومِ الْعَمَلِ بِهِ كَالظَّاهِرِ الْمَتْلُوِّ مِنَ الْقُرْآنِ (أَلَا يُوشِكُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُحْذِّرُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ السُّنَنِ الَّتِي سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْقُرْآنِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ مِنَ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ فَإِنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَتَرَكُوا السُّنَنَ الَّتِي ضُمِّنَتْ بَيَانَ الْكِتَابِ فَتَحَيَّرُوا وَضَلُّوا انْتَهَى (رَجُلٌ شَبْعَانُ) هو كناية عن البلادة وسوء الفهم الناشىء عَنِ الشِّبَعِ أَوْ عَنِ الْحَمَاقَةِ اللَّازِمَةِ لِلتَّنَعُّمِ وَالْغُرُورِ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ (عَلَى أَرِيكَتِهِ) أَيْ سَرِيرِهِ الْمُزَيَّنِ بِالْحُلَلِ وَالْأَثْوَابِ وَأَرَادَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَصْحَابَ التَّرَفُّهِ وَالدَّعَةِ الَّذِينَ لَزِمُوا الْبُيُوتَ وَلَمْ يَطْلُبُوا الْعِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ (فَأَحَلُّوهُ) أَيِ اعْتَقَدُوهُ حَلَالًا (فَحَرَّمُوهُ) أَيِ اعْتَقَدُوهُ حَرَامًا وَاجْتَنَبُوهُ (أَلَا لَا يحل لكم) بيان للقسم الَّذِي ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَلَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْقُرْآنِ (وَلَا لُقَطَةُ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ مَا يُلْتَقَطُ مِمَّا ضَاعَ مِنْ شَخْصٍ بِسُقُوطٍ أَوْ غَفْلَةٍ (مُعَاهَدٍ) أَيْ كَافِرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَهْدٌ بِأَمَانٍ وَهَذَا تَخْصِيصٌ بِالْإِضَافَةِ وَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي لُقَطَةِ الْمُسْلِمِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا) أَيْ يَتْرُكَهَا لِمَنْ أَخَذَهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا (فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ أَيْ يُضَيِّفُوهُ مِنْ قَرَيْتُ الضَّيْفَ إِذَا أَحْسَنْتُ إِلَيْهِ (فَلَهُ أَنْ يَعْقُبَهُمْ) مِنَ الْإِعْقَابِ بِأَنْ يَتْبَعَهُمْ وَيُجَازِيَهُمْ مِنْ صَنِيعِهِ
يُقَالُ أَعْقَبَهُ بِطَاعَتِهِ إِذَا جَازَاهُ وَرُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ يُقَالُ عَقَّبَهُمْ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا وَأَعْقَبَهُمْ إِذَا أَخَذَ مِنْهُمْ عُقْبَى وَعُقْبَةً وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ بَدَلًا عَمَّا فَاتَهُ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (بِمِثْلِ قِرَاهُ) بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ أَيْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ عِوَضًا عَمَّا حَرَّمُوهُ مِنَ الْقِرَى
قِيلَ هَذَا فِي الْمُضْطَرِّ أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَا حَاجَةَ بِالْحَدِيثِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْكِتَابِ وَأَنَّهُ مَهْمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ كَانَ حُجَّةً بِنَفْسِهِ فَأَمَّا مَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَالَ إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ وَافَقَهُ فَخُذُوهُ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ
وَقَدْ حَكَى زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ وَضَعَتْهُ الزَّنَادِقَةُ
قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ أَتَمُّ مِنْ حَدِيثِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute