للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُوَحَّدَةِ مِنْ عَبَرْتُ الرُّؤْيَا بِالْخِفَّةِ إِذَا فَسَّرْتُهَا (فَيُعْلِيكَ اللَّهُ) أَيْ يَرْفَعُكَ (ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ بَعْدَكَ رَجُلٌ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ) هُوَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ) هُوَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (فَيَنْقَطِعُ ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ) يَعْنِي أَنَّ عُثْمَانَ كَادَ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنِ اللَّحَاقِ بِصَاحِبَيْهِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْقَضَايَا الَّتِي أَنْكَرُوهَا فَعَبَّرَ عَنْهَا بِانْقِطَاعِ الْحَبْلِ ثُمَّ وَقَعَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ فَاتَّصَلَ فَالْتَحَقَ بِهِمْ قاله القسطاني (أي رسول الله) أَيْ حَرْفُ نِدَاءٍ (أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِ مَوْضِعِ الْخَطَأِ فَقِيلَ أَخْطَأَ لِكَوْنِهِ عَبَّرَ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ بِالْقُرْآنِ فَقَطْ وَهُمَا شَيْئَانِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُعَبِّرَهُمَا بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى السُّكُوتُ فِي تَعْيِينِ مَوْضِعِ الْخَطَأِ بَلْ هُوَ الْوَاجِبُ لأنه سَكَتَ عَنْ بَيَانِ ذَلِكَ مَعَ سُؤَالِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (لَا تُقْسِمْ) قَالَ الدَّاوُدِيُّ أَيْ لَا تُكَرِّرْ يَمِينَكَ فَإِنِّي لَا أُخْبِرُكَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِنَّكَ إِذَا تَفَكَّرْتَ فِيمَا أَخْطَأْتَ بِهِ عَلِمْتَهُ

قَالَ النَّوَوِيُّ قِيلَ إِنَّمَا لم يبر النبي قَسَمَ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ إِبْرَارَ الْقَسَمِ مَخْصُوصٌ بما إذا

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

نَفْس حَدِيث الْبُخَارِيّ فَيَنْقَطِع بِهِ ثُمَّ يُوصَل لَهُ فَهَذَا مَوْضِع الْغَلَط وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّن فَضْل صِدْق مَعْرِفَة الْبُخَارِيّ وَغَوْر عِلْمه فِي إِعْرَاضه عَنْ لَفْظه لَهُ فِي الْأَوَّل وَإِنَّمَا اِنْفَرَدَ بِهَا مُسْلِم

وَأَمَّا الثَّانِي فَيُجَاب عَنْهُ بأن عمر رضي الله عنه لَمْ يَنْقَطِع بِهِ السَّبَب مِنْ حَيْثُ عَلَا بِهِ

وَإِنَّمَا اِنْقَطَعَ بِهِ بِالْأَجَلِ الْمَحْتُوم كَمَا يَنْقَطِع الْأَجَل بِالسُّمِّ وَغَيْره وَأَمَّا عُثْمَان فَانْقَطَعَ بِهِ مِنْ حَيْثُ وُصِلَ لَهُ مِنْ الْجِهَة الَّتِي عَلَا بِهَا وَهِيَ الْخِلَافَة فَإِنَّهُ إِنَّمَا أُرِيدَ مِنْهُ أَنْ يَخْلَع نَفْسه وَإِنَّمَا قَتَلُوهُ لِعَدَمِ إِجَابَتهمْ إِلَى خَلْعِ نَفْسه فَخَلَعُوهُ هُمْ بِالْقَتْلِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا فَانْقَطَعَ بِهِ مِنْ الْجِهَة الَّتِي أَخَذَ بِهِ مِنْهَا ثُمَّ وُصِلَ لِغَيْرِهِ رضي الله عنه وَهَذَا سِرّ سُكُوت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَعْيِين مَوْضِع خَطَأ الصِّدِّيق

فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ تَكَلَّفْتُمْ أَنْتُمْ بَيَانه وَقَدْ مَنَعَ النبي صلى الله عليه وسلم الصِّدِّيق مِنْ تَعَرُّفه وَالسُّؤَال عَنْهُ

قِيلَ مَنَعَهُ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَعَلُّق ذَلِكَ بِأَمْرِ الْخِلَافَة وَمَا يَحْصُل لِلرَّابِعِ مِنْ الْمِحْنَة وَانْقِطَاع السَّبَب بِهِ فَأَمَا وَقَدْ حَدَثَ ذَلِكَ وَوَقَعَ فَالْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي غَيْره مِنْ الْوَقَائِع الَّتِي يُحْذَر الْكَلَام فِيهَا قَبْل وُقُوعهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَدَرْءًا لِلْمَفْسَدَةِ فَإِذَا وَقَعَتْ زَالَ الْمَعْنَى الَّذِي سُكِتَ عَنْهَا لِأَجْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>