للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَقْصُودَ الْحَجَّاجِ الظَّالِمِ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى تَفْضِيلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ إِنَّمَا كَانُوا رُسُلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمُبَلِّغِينَ أَحْكَامَهُ فَحَسْبُ وَأَمَّا عَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُ مِنْ أُمَرَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ فَهُمْ خُلَفَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَرُتْبَةُ الْخُلَفَاءِ يَكُونُ أَعْلَى مِنَ الرُّسُلِ فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الْحَجَّاجِ هَذَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ إِرَادَتُهُ هَذَا بِبَعِيدٍ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنِ اطَّلَعَ عَلَى تَفَاصِيلِ حَالَاتِهِ فَهَذِهِ مُغَالَطَةٌ مِنْهُ شَنِيعَةٌ تُكَفِّرُهُ بِلَا مِرْيَةٍ أَلَمْ يَعْلَمِ الْحَجَّاجُ أَنَّ جَمِيعَ الرُّسُلِ خُلَفَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ أَكْرَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ وَلَمْ يعلم أن سيد الأنبياء محمد سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَلْزَمُ عَلَى كَلَامِهِ هَذَا مَا يَلْزَمُ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَمْثَالِ هَذَا الْكَلَامِ

قَالَ السِّنْدِيُّ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ تَفْضِيلَ الْمَرْوَانِيِّينَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِأَنَّهُمْ خُلَفَاءُ اللَّهِ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَدْ كَفَرَ حِينَئِذٍ

وَمَا أَبْعَدَهُ عَنِ الْحَقِّ وَأَضَلَّهُ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لِكَلَامِهِ مَعْنًى انْتَهَى (فَقَاتَلَ) أَيِ الرَّبِيعُ بْنُ خَالِدٍ (فِي الْجَمَاجِمِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْجُمْجُمَةُ قَدَحٌ مِنْ خَشَبٍ وَالْجَمْعُ الْجَمَاجِمُ وَبِهِ سُمِّيَ دَيْرُ الْجَمَاجِمِ وَهُوَ الَّذِي كَانَتْ بِهِ وَقْعَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَشْعَثِ مَعَ الحجاج بالعراق لأنه كان يعمل به أقداح مِنْ خَشَبٍ

وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَضْحَكُ فَقَالَ إِنَّ هَذَا يَشْهَدُ الْجَمَاجِمَ يُرِيدُ وَقْعَةَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ رَأَى كَثْرَةَ مَنْ قُتِلَ بِهِ مِنْ قُرَّاءِ الْمُسْلِمِينَ وَسَادَاتِهِمْ لَمْ يَضْحَكِ انْتَهَى

وَهَذَا الْأَثَرُ أَيْضًا لَيْسَ فِي نُسْخَةِ الْمُنْذِرِيِّ

وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ قِيلَ إِنَّهُ فِي رِوَايَةِ اللُّؤْلُؤِيِّ وَحْدَهُ انْتَهَى

(قَالَ سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ) وَكَانَ وَالِيًا مِنْ جَانِبِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ (لَيْسَ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (مَثْنَوِيَّةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ الْمِثْلِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيِ اسْتِثْنَاءٌ (لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا (عَبْدِ الْمَلِكِ) بَدَلٌ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (وَاللَّهِ لَوْ أَخَذْتُ رَبِيعَةَ بِمُضَرَ) أَيْ بِجَرِيرَتِهِمْ يُرِيدُ أَنَّ الْأَحْكَامَ مُفَوَّضَةٌ إِلَى آرَاءِ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>