مَكَانٌ عَنْ حَمَّادٍ (وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ تَكَرُّمِهِ وَعَزْلِهِ نَفْسَهُ عَنِ الْأَمْرِ وَتَرْكِهِ لِمُعَاوِيَةَ اخْتِيَارًا (بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَاحِدًا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْفِتْنَةِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُمْ كُلَّهُمْ مُسْلِمِينَ مَعَ كَوْنِ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مُصِيبَةً وَالْأُخْرَى مُخْطِئَةً وَهَكَذَا سَبِيلُ كُلِّ مُتَأَوِّلٍ فِيمَا يَتَعَاطَاهُ مِنْ رَأْيٍ وَمَذْهَبٍ إِذَا كَانَ لَهُ فِيمَا تَنَاوَلَهُ شُبْهَةٌ وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ
وَاخْتَارَ السَّلَفُ تَرْكَ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ الْأُولَى وَقَالُوا تِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ اللَّهُ عَنْهَا أَيْدِيَنَا فَلَا نُلَوِّثُ بِهِ أَلْسِنَتَنَا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ السُّنَّةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ رَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ عَنِ الْحَسَنِ وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَوَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى إِسْرَائِيلَ بْنِ مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ
(عن محمد) هو بن سِيرِينَ (إِلَّا أَنَا أَخَافُهَا عَلَيْهِ) أَيْ أَخَافُ مَضَرَّةَ تِلْكَ الْفِتْنَةِ عَلَيْهِ (إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ) هُوَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ شَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا اسْتَوْطَنَ الْمَدِينَةَ وَاعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
(عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ) بِالتَّصْغِيرِ (فَإِذَا فُسْطَاطٌ) بِالضَّمِّ أَيْ خِبَاءٌ (فَإِذَا فِيهِ) أَيْ فِي الْفُسْطَاطِ (فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ سَبَبِ خُرُوجِهِ وَإِقَامَتِهِ فِي الْفُسْطَاطِ (فَقَالَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ مسلمة (ماأريد أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (شَيْءٌ) فَاعِلُ يَشْتَمِلَ (مِنْ أَمْصَارِكُمْ) الْمَعْنَى لَا أُرِيدَ أَنْ أَسْكُنَ وَأُقِيمَ فِي أَمْصَارِكُمْ (حَتَّى تَنْجَلِيَ) أَيْ تَنْكَشِفَ وَتَزُولَ يُقَالُ انْجَلَى الظَّلَامُ إِذَا كُشِفَ (عَمَّا) مَا مَصْدَرِيَّةٌ (انْجَلَتْ) أَيْ تَجَلَّتْ وَتَبَيَّنَتْ يُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْكُسُوفِ تَجَلَّتْ وَانْجَلَتْ وَهُوَ انْفِعَالٌ مِنَ التَّجْلِيَةِ وَالتَّجْلِيَةُ التَّبْيِينُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute