للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَلْوَانِ وَالطِّبَاعِ (جَاءَ مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ) بِحَسَبِ تُرَابِهِمْ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ أُصُولُ الْأَلْوَانِ وَمَا عَدَاهَا مُرَكَّبٌ مِنْهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَبَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ بَيْنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ باعتبار أجزاء أرضه قاله القارىء (وَالسَّهْلُ) أَيْ وَمِنْهُمُ السَّهْلُ أَيِ اللَّيِّنُ الْمُنْقَادُ (وَالْحَزْنُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الزَّايِ أَيِ الْغَلِيظُ الطَّبْعِ (وَالْخَبِيثُ) أَيْ خَبِيثُ الْخِصَالِ (وَالطَّيِّبُ) قَالَ الطِّيبِيُّ أَرَادَ بِالْخَبِيثِ مِنَ الْأَرْضِ الْخَبِيثَةِ السَّبْخَةِ وَمِنْ بَنِي آدَمَ الْكَافِرَ وَبِالطَّيِّبِ مِنَ الْأَرْضِ الْعَذْبَةِ وَمِنْ بَنِي آدَمَ الْمُؤْمِنَ

ذَكَرَهُ الْعَزِيزِيُّ (زاد في حديث يحي) هو بن سَعِيدٍ (وَبَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْحَزْنِ والخبيث والطيب

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وَأَمَّا حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو فَيَرْوِيه عَمْرو بْن مُهَاجِر عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز عَنْ يَحْيَى بْن الْقَاسِم عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَرْفَعهُ مَا هَلَكَتْ أُمَّة قَطّ إِلَّا بِالشِّرْكِ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

وَمَا أَشْرَكَتْ قَطّ إِلَّا كَانَ بَدْء إِشْرَاكهَا التَّكْذِيب بِالْقَدَرِ وَهَذَا الْإِسْنَاد لَا يُحْتَجّ بِهِ

وَأَجْوَد مَا فِي الْبَاب حَدِيث حيوة بن شريح أخبرني بن صخر حدثني نافع أن بن عُمَر جَاءَهُ رَجُل

فَقَالَ إِنَّ فُلَانًا يَقْرَأ عَلَيْك السَّلَام

فَقَالَ

إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ أَحْدَث

فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَث فَلَا تَقْرَأهُ مِنِّي السَّلَام

فَإِنِّي سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول يَكُون فِي هَذِهِ الْأُمَّة أَوْ أُمَّتِي الشَّكّ مِنْهُ خَسْفٌ وَمَسْخٌ أَوْ قَذْفٌ فِي أَهْل الْقَدَر قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن صَحِيح غَرِيب

وَاَلَّذِي صَحَّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَمّهمْ من طوائف أهل البدع هم الْخَوَارِج فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِيهِمْ الْحَدِيث مِنْ وُجُوه كُلّهَا صِحَاح

لِأَنَّ مَقَالَتهمْ حَدَثَتْ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَكَلِمَة رَئِيسهمْ

وَأَمَّا الْإِرْجَاء وَالرَّفْض وَالْقَدَر وَالتَّجَهُّم وَالْحُلُول وَغَيْرهَا مِنْ الْبِدَع فَإِنَّهَا حَدَثَتْ بَعْد اِنْقِرَاض عَصْر الصَّحَابَة

وَبِدْعَة الْقَدَر أَدْرَكَتْ آخِر عَصْر الصَّحَابَة فَأَنْكَرَهَا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيًّا كَعَبْدِ الله بن عمر وبن عباس وأمثالهما رضي الله عنهم

وأكثر مَا يَجِيء مِنْ ذِمَّتهمْ فَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف عَلَى الصَّحَابَة مِنْ قَوْلهمْ فِيهِ

ثُمَّ حَدَثَتْ بِدْعَة الْإِرْجَاء بَعْد اِنْقِرَاض عَصْر الصَّحَابَة فَتَكَلَّمَ فِيهَا كِبَار التَّابِعِينَ الَّذِينَ أَدْرَكُوهَا كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُمْ ثُمَّ حَدَثَتْ بِدْعَة التَّجَهُّم بَعْد اِنْقِرَاض عَصْر التَّابِعِينَ

وَاسْتَفْحَلَ أَمْرهَا وَاسْتَطَارَ شَرّهَا فِي زَمَن الْأَئِمَّة كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَزَوِيهِ

ثُمَّ حَدَثَتْ بَعْد ذَلِكَ بِدْعَة الْحُلُول وَظَهَرَ أَمْرهَا فِي زَمَن الْحُسَيْن الْحَلَّاج

وَكُلَّمَا أَظْهَرَ الشَّيْطَان بِدْعَة مِنْ هَذِهِ الْبِدَع وَغَيْرهَا أَقَامَ اللَّه لَهَا مِنْ حِزْبه وَجُنْده مَنْ يَرُدّهَا وَيُحَذِّر

<<  <  ج: ص:  >  >>