صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
وَكُلُّ مَا وَرَدَ بِإِحْيَاءِ وَالِدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيمَانِهِمَا وَنَجَاتِهِمَا أَكْثَرُهُ مَوْضُوعٌ مَكْذُوبٌ مُفْتَرًى وَبَعْضُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا لَا يَصِحُّ بِحَالٍ لِاتِّفَاقِ أئمة الحديث على وضعه كالدارقطني والجوزقاني وبن شاهين والخطيب وبن عساكر وبن ناصر وبن الْجَوْزِيِّ وَالسُّهَيْلِيِّ وَالْقُرْطُبِيِّ وَالْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَفَتْحِ الدِّينِ بْنِ سَيِّدِ النَّاسِ وَإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ وَجَمَاعَةٍ
وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي عَدَمِ نَجَاةِ الْوَالِدَيْنِ الْعَلَّامَةُ إِبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَالْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ القارىء فِي شَرْحِ الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ وَفِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا الْمَسْلَكِ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ
وَالشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ قَدْ خَالَفَ الْحَافِظَ وَالْعُلَمَاءَ الْمُحَقِّقِينَ وَأَثْبَتَ لَهُمَا الْإِيمَانَ وَالنَّجَاةَ فَصَنَّفَ الرَّسَائِلَ الْعَدِيدَةَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا رِسَالَةُ التَّعْظِيمِ والمنة في أن أبوي رسول الله فِي الْجَنَّةِ
قُلْتُ الْعَلَّامَةُ السُّيُوطِيُّ مُتَسَاهِلٌ جِدًّا لَا عِبْرَةَ بِكَلَامِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَمْ يُوَافِقْهُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ النُّقَّادِ
وَقَالَ السِّنْدِيُّ مَنْ يَقُولُ بِنَجَاةِ وَالِدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُهُ عَلَى الْعَمِّ فَإِنَّ اسْمَ الْأَبِ يُطْلَقُ عَلَى الْعَمِّ مَعَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَدْ رَبَّى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْتَحِقُّ إِطْلَاقَ اسْمِ الْأَبِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ انْتَهَى
وَهَذَا أَيْضًا كَلَامٌ ضَعِيفٌ بَاطِلٌ
وَقَدْ مَلَأَ مُؤَلِّفُ تَفْسِيرِ رُوحِ الْبَيَانِ تَفْسِيرَهُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ الْمَكْذُوبَةِ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِإِيرَادِهِ لِلرِّوَايَاتِ الْمَكْذُوبَةِ فَصَارَ تَفْسِيرُهُ مَخْزَنَ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ التَّوَقُّفُ فِي الْبَابِ هُوَ الْأَسْلَمُ وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ حُصَيْنُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالِدُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَقِيلَ هُوَ أَبُو رَزِينٍ لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ الْعُقَيْلِيُّ
وَقَفَّى بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَلَّى قَفَاهُ مُنْصَرِفًا
(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي إِلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قِيلَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ قُوَّةً وَقُدْرَةً عَلَى الْجَرْيِ فِي بَاطِنِ الْإِنْسَانِ مَجَارِيَ دَمِهِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ لِكَثْرَةِ إِغْوَائِهِ وَوَسْوَسَتِهِ فَكَأَنَّهُ لَا يُفَارِقُ الْإِنْسَانَ كَمَا لَا يُفَارِقُهُ دَمُهُ كَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ