(وَيْحَكَ) بِمَعْنَى وَيْلَكَ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ مَعْنَى الشَّفَقَةِ عَنِ الْمَزَلَّةِ وَالْمَزْلَقَةِ وَالثَّانِيَّ دُعَاءٌ عليه بالهلكة والعقوبة قاله القارىء (وَسَبَّحَ) أَيْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ أَنْ يُقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَجُّبِ وَالْإِنْكَارِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ انْتَهَى (حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ حَتَّى تَبَيَّنَ أَثَرُ ذَلِكَ التَّغَيُّرِ (فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ) لأنهم فهموا من تكرير تسبيحه أنه غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ فَخَافُوا مِنْ غَضَبِهِ فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (إِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (لَا يُسْتَشْفَعُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَنْ يُسْتَشْفَعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ذكر الشيخ بن القيم رحمه الله حديث بن إِسْحَاق الَّذِي فِيهِ وَإِنَّ عَرْشه فَوْق سَمَاوَاته كَالْقُبَّةِ وَتَعْلِيل الْمُنْذِرِيِّ لَهُ
ثُمَّ قَالَ قَالَ أَهْل الْإِثْبَات لَيْسَ فِي شَيْء مِنْ هَذَا مُسْتَرَاح لَكُمْ فِي رَدّ الْحَدِيث
أَمَّا حَمْلكُمْ فيه على بن إسحاق فجوابه أن بن إِسْحَاق بِالْمَوْضِعِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه مِنْ الْعِلْم وَالْأَمَانَة
قَالَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ حَدِيثه عِنْدِي صحيح وقال شعبة بن إِسْحَاق أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيث وَقَالَ أَيْضًا هُوَ صَدُوق وَقَالَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ أَيْضًا لَمْ أَجِد لَهُ سِوَى حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ
وَهَذَا فِي غَايَة الثَّنَاء وَالْمَدْح إِذْ لَمْ يَجِد له عل كَثْرَة مَا رَوَى إِلَّا حَدِيثَيْنِ مُنْكَرَيْنِ
وَقَالَ علي أيضا سمعت بن عُيَيْنَةَ يَقُول مَا سَمِعْت أَحَدًا يَتَكَلَّم فِي بن إِسْحَاق إِلَّا فِي قَوْله فِي الْقَدَر وَلَا رَيْب أَنَّ أَهْل عَصْره أَعْلَم بِهِ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْدهمْ
وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول قَالَ الزُّهْرِيُّ لَا يَزَال بِهَذِهِ الْحَرَّة عِلْم ما دام بها ذلك الأحول يريد بن إِسْحَاق
وَقَالَ يَعْقُوب بْن شَيْبَة سَأَلْت يَحْيَى بن معين كيف بن إِسْحَاق قَالَ لَيْسَ بِذَاكَ قُلْت فَفِي نَفْسك مِنْ حَدِيثه شَيْء قَالَ لَا كَانَ صَدُوقًا
وَقَالَ يَزِيد بْن هَارُون سَمِعْت شُعْبَة يَقُول لو كان لي سلطان لأمرت بن إسحاق على المحدثين
وقال بن عدي قد فتشت أحاديث بن إِسْحَاق الْكَبِير فَلَمْ أَجِد فِي حَدِيثه مَا يَتَهَيَّأ أَنْ نَقْطَع عَلَيْهِ بِالضَّعْفِ وَرُبَّمَا أَخْطَأَ أو وهم كما يخطيء غَيْره وَلَمْ يَتَخَلَّف فِي الرِّوَايَة عِنْد الثِّقَات وَالْأَئِمَّة وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ