يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِهِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنَّمَا نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ عَنْ ضُعَفَاءِ النَّاسِ وَتَدْلِيسِهِ أَسَامِيهِمْ فَإِذَا رَوَى عَنْ ثِقَةٍ وَبَيَّنَ سَمَاعَهُ مِنْهُ فَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ لَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا
وَهُوَ إِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْهُ وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَمَاعَهُ مِنْهُمَا وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي لَفْظِهِ
وَقَدْ جَعَلَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ ثَابِتًا وَاشْتَغَلَ بِتَأْوِيلِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْبَيْهَقِيِّ
ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ كَلَامَ الْخَطَّابِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَ آنِفًا
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى تَأْوِيلِ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ حَدِيثُ الْعَبَّاسِ ضَعِيفٌ مِنْ وُجُوهٍ وَمُعَارَضٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالْأَحَادِيثِ أَمَّا الضَّعْفُ فَمِنْ جِهَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمِسَاحَةِ وَالْمَسَافَةِ وَفِي صِفَةِ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَإِنَّهَا جَاءَتْ فِي مَسِيرَةِ خَمْسِ مِائَةٍ وَاشْتُهِرَتْ عَنْ أَبِي ذَرِّ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي بُرْدَةَ وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ مُعَارِضٌ لِلْإِجْمَاعِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ فَهَذِهِ دَعْوَى مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ فَإِنَّ الْمُفَسِّرِينَ بِأَجْمَعِهِمْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَعْنَى حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَذَهَابُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ بَلْ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَيْضًا إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْإِجْمَاعَ وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْ رواية المسافة بقدر مَسِيرَةِ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ كَمَا فِي حَدِيثٍ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ وبين
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قِصَّة سَعْد بْن مُعَاذ وَحُكْمه في بني قريظة وقول النبي لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِك وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيث سَعْد بْن إِبْرَاهِيم عَنْ عَامِر بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ وَفِيهِ فَقَالَ النَّبِيّ لَقَدْ حَكَمَ فِيهِمْ الْيَوْم بِحُكْمِ اللَّه الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْق سَبْع سَمَاوَات
وَقَالَ بن إِسْحَاق فِي حَدِيثه لَقَدْ حَكَمْت فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّه الَّذِي حَكَمَ بِهِ مِنْ فَوْق سَبْعَة أَرْقِعَة وَالرَّقِيع مِنْ أَسْمَاء السَّمَاء وَقَدْ تَقَدَّمَ
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ وَالْإِمَام أَحْمَد مِنْ حَدِيث الْحَسَن عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله لِأَبِي يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُد الْيَوْم إِلَهًا قَالَ أَبِي سَبْعَة سِتَّة فِي الْأَرْض وَوَاحِدًا فِي السَّمَاء قَالَ فَأَيّهمْ تَعُدّ لِرَغْبَتِك وَرَهْبَتك قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاء قَالَ يَا حُصَيْنُ أَمَا إِنَّك لَوْ أَسْلَمْت عَلَّمْتُك كَلِمَتَيْنِ يَنْفَعَانِك
قَالَ فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ قَالَ يَا رَسُول اللَّه عَلِّمْنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتنِي قَالَ قُلْ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَأَعِذْنِي مِنْ شَرّ نَفْسِي
وقد ثبت عن النبي أَنَّهُ شَهِدَ لِلْجَارِيَةِ بِالْإِيمَانِ حَيْثُ أَقَرَّتْ بِأَنَّ اللَّه فِي السَّمَاء وَحَدِيثهَا فِي صَحِيح مُسْلِم