فَإِنْ قِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ وَعُثْمَانُ لَا يُعْرَفَانِ قِيلَ بَلْ هُمَا ثِقَتَانِ مَشْهُورَانِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ الْقَطْوَانِيُّ وَهُمَا مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابٍ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي
وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى الْعَرْشِ
وَفِي لَفْظٍ لَهُ أَيْضًا فَهُوَ مَكْتُوبٌ فَوْقَ الْعَرْشِ وَوَضْعٌ بِمَعْنَى مَوْضُوعٍ مَصْدَرٌ بمعنى المفعول كنظائره انتهى كلام بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
عَرْشه {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم} ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا
قَالَ وَبِهَذَا الْإِسْنَاد عَنْ مُقَاتِل بْن حَيَّانَ فِي قَوْله (إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ) يَقُول عِلْمه وَذَلِكَ قَوْله {إِنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم} فَيَعْلَم نَجْوَاهُمْ وَيَسْمَع كَلَامهمْ ثُمَّ يُنَبِّئهُمْ يَوْم الْقِيَامَة بِكُلِّ شَيْء وَهُوَ فَوْق عَرْشه وَعِلْمه مَعَهُمْ
وَقَالَ الْحَاكِم سَمِعْت أَبَا جَعْفَر محمد بن صالح بن هانيء يَقُول سَمِعْت مُحَمَّد بْن نُعَيْم يَقُول سَمِعْت الْحَسَن بْن الصَّبَّاح الْبَزَّار يَقُول سَمِعْت عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شَقِيق يَقُول سَأَلْت عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك
قُلْت كَيْف نَعْرِف رَبّنَا قَالَ فِي السَّمَاء السَّابِعَة عَلَى عَرْشه
قَالَ الْحَاكِم وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن دَاوُدَ الزَّاهِد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الشَّامِيّ حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سِيبَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ سَمِعْت عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن شَقِيق يَقُول سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك يَقُول نَعْرِف رَبّنَا فَوْق سَبْع سَمَاوَات عَلَى الْعَرْش اِسْتَوَى بَائِن مِنْ خَلْقه وَلَا نَقُول كما قالت الجهمية إنه ها هنا وَأَشَارَ إِلَى الْأَرْض
وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن كِلَاب فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ أَبُو بَكْر بْن فَوْرَكٍ وَأَخْرَجَ مِنْ النَّظَر وَالْخَبَر قَوْل مَنْ قَالَ لَا هُوَ دَاخِل الْعَالَم وَلَا خَارِجه فَنَفَاهُ نَفْيًا مُسْتَوِيًا لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ صِفْهُ بِالْعَدَمِ مَا قَدَرَ أَنْ يَقُول فِيهِ أَكْثَر مِنْهُ وَرَدَّ أَخْبَار اللَّه نَصًّا وَقَالَ فِي ذَلِكَ بِمَا لَا يَجُوز فِي خَبَر وَلَا مَعْقُول وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا هُوَ التَّوْحِيد الْخَالِص وَالنَّفْي الْخَالِص عِنْدهمْ وَالْإِثْبَات الْخَالِص وَهُمْ عِنْد أَنْفُسهمْ قَيَّاسُونَ هَذَا حِكَايَة لَفْظه
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي كِتَاب شِعَار الدِّين الْقَوْل فِي أَنَّ اللَّه تَعَالَى مُسْتَوٍ عَلَى الْعَرْش
هَذِهِ الْمَسْأَلَة سَبِيلهَا التَّوْقِيف الْمَحْض وَلَا يَصِل إِلَيْهَا الدَّلِيل مِنْ غَيْر هَذَا الْوَجْه وَقَدْ نَطَقَ بِهِ الْكِتَاب فِي غَيْر آيَة ووردت بِهِ الْأَخْبَار الصَّحِيحَة فَقَبُوله مِنْ جِهَة التَّوْقِيف وَاجِب وَالْبَحْث عَنْهُ وَطَلَب الْكَيْفِيَّة غَيْر جَائِز
وَقَدْ قَالَ مَالِك الِاسْتِوَاء مَعْلُوم وَالْكَيْف غَيْر مَعْقُول وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب وَالسُّؤَال عَنْهُ بِدْعَة
فَمِنْ التَّوْقِيف الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَاب قَوْله تَعَالَى {الرَّحْمَن عَلَى الْعَرْش اِسْتَوَى} وَقَالَ {ثُمَّ اِسْتَوَى عَلَى الْعَرْش الرَّحْمَن} وَقَالَ {رَفِيع الدَّرَجَات ذو العرش}