للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِشَأْنِهَا لِحُسْنِهَا وَبَهْجَتِهَا (ثُمَّ حَفَّهَا) أَيْ أَحَاطَهَا اللَّهُ (بِالْمَكَارِهِ جَمْعُ كُرْهٍ وَهُوَ الْمَشَقَّةُ وَالشِّدَّةُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْمُرَادُ بِهَا التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَكْرُوهَةٌ عَلَى النُّفُوسِ الْإِنْسَانِيَّةِ (وَعِزَّتِكَ) الْوَاوُ لِلْقَسَمِ (لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ) قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْ لِوُجُودِ الْمَكَارِهِ مِنَ التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ وَمُخَالَفَةِ النَّفْسِ وَكَسْرِ الشَّهَوَاتِ (لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا) أَيْ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا فَزِعَ مِنْهَا وَاحْتَرَزَ فَلَا يَدْخُلُهَا (لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا) أَيْ لِمَيَلَانِ النَّفْسِ إِلَى الشَّهَوَاتِ وَحُبِّ اللَّذَّاتِ وَكَسَلِهَا عَنِ الطَّاعَاتِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَنَس قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوَّل النَّاس يَشْفَع فِي الْجَنَّة الْحَدِيث

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ عِنْده عَمّه أَبُو طَالِب فَقَالَ لَعَلَّهُ تَنْفَعهُ شَفَاعَتِي يَوْم القيامة فيجعل فِي ضَحْضَاح مِنْ النَّار يَبْلُغ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغه وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُول اللَّه هَلْ نَفَعْت أَبَا طَالِب بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطك وَيَغْضَب لَك قَالَ نَعَمْ هُوَ فِي ضحضاح من نار ولولا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار

فَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيث خَمْسَة أَنْوَاع مِنْ الشَّفَاعَة

أَحَدهَا الشَّفَاعَة الْعَامَّة الَّتِي يَرْغَب فِيهَا النَّاس إِلَى الْأَنْبِيَاء نَبِيًّا بَعْد نَبِيّ حَتَّى يُرِيحهُمْ اللَّه مِنْ مَقَامهمْ

النَّوْع الثَّانِي الشَّفَاعَة فِي فَتْح الْجَنَّة لِأَهْلِهَا

النَّوْع الثَّالِث الشَّفَاعَة فِي دُخُول مَنْ لَا حِسَاب عَلَيْهِمْ الْجَنَّة

النَّوْع الرَّابِع الشَّفَاعَة فِي إِخْرَاج قَوْم مِنْ أَهْل التَّوْحِيد مِنْ النَّار

النَّوْع الْخَامِس فِي تَخْفِيف الْعَذَاب عَنْ بَعْض أَهْل النَّار

وَيَبْقَى نَوْعَانِ يَذْكُرهُمَا كَثِير مِنْ النَّاس

أَحَدهمَا فِي قَوْم اِسْتَوْجَبُوا النَّار فَيُشْفَع فِيهِمْ أَنْ لَا يَدْخُلُوهَا

وَهَذَا النَّوْع لَمْ أَقِف إِلَى الْآن عَلَى حَدِيث يَدُلّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>