فَرُجُوعُهُمْ إِلَى الدِّينِ أَيْضًا مُحَالٌ (هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْخَلْقُ النَّاسُ وَالْخَلِيقَةُ الْبَهَائِمُ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَيُرِيدُ بِهِمَا جَمِيعَ الْخَلَائِقِ (طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ) فَإِنَّهُ يَصِيرُ غَازِيًا (وَقَتَلُوهُ) أَيْ وَلِمَنْ قَتَلُوهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ شَهِيدًا وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ حَذْفِ الْمَوْصُولِ أَوِ الْوَاوِ لِمُجَرَّدِ التَّشْرِيكِ وَالتَّقْدِيرُ طُوبَى لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ قَتْلِهِ إِيَّاهُمْ وَقَتْلِهِمْ إياه قاله القارىء (وَلَيْسُوا مِنْهُ) أَيْ مِنْ كِتَابٍ (فِي شَيْءٍ) فِي شَيْءٍ مُعْتَدٍّ بِهِ (مَنْ قَاتَلَهُمْ) أَيْ مِنْ أُمَّتِي (كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ بَاقِي أُمَّتِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَعْلِيلِيَّةً أَيْ مِنْ أَجْلِ قِتَالِهِمْ قَالَهُ القارىء (مَا سِيمَاهُمْ) أَيْ عَلَامَتُهُمْ (قَالَ التَّحْلِيقُ) أَيْ عَلَامَتُهُمُ التَّحْلِيقُ وَهُوَ حَلْقُ الرَّأْسِ وَاسْتِئْصَالُ الشَّعْرِ
قَالَ النَّوَوِيُّ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى كَرَاهَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ لَهُمْ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَكُونُ بِحَرَامٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمُبَاحٍ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَرَامٍ
وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا
قَالَ الْعُلَمَاءُ حَلْقُ الرَّأْسِ جَائِزٌ بِكُلِّ حَالٍ لَكِنْ إِنْ شَقَّ عَلَيْهِ تَعَهُّدُهُ بِالدُّهْنِ وَالتَّسْرِيحِ اسْتُحِبَّ حَلْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ اسْتُحِبَّ تَرْكُهُ انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَتَادَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَسَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
[٤٧٦٦] (وَالتَّسْمِيدُ) وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ التَّسْبِيدُ بِالْمُوَحَّدَةِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ السَّبْدُ حَلْقُ الرَّأْسِ كَالْإِسْبَادِ وَالتَّسْبِيدِ وَقَالَ فِيهِ سَمَدَ الشَّعْرَ اسْتَأْصَلَهُ (فَأَنِيمُوهُمْ) أَيِ اقتلوهم
قال بن الْأَثِيرِ يُقَالُ نَامَتِ الشَّاةُ وَغَيْرُهَا إِذَا مَاتَتْ وَالنَّائِمَةُ الْمَيِّتَةُ
وَفِي حَدِيثِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَمَا أَشْرَفَ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا أَنَامُوهُ أَيْ قَتَلُوهُ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَثَّ عَلَى قِتَالِ الْخَوَارِجِ
فَقَالَ إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ انْتَهَى (قَالَ أَبُو دَاوُدَ التَّسْبِيدُ إِلَخْ) لم يوجد هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ
(فَلَأَنْ أَخِرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute