قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ تِسْعَ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ
[٤٧٧٤] (خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ تِسْعَ سِنِينَ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تِسْعُ سِنِينَ وَأَشْهُرٌ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَخَدَمَهُ أَنَسٌ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ الْأُولَى فَفِي رِوَايَةِ التِّسْعِ لَمْ يَحْسِبِ الكسر وفي رواية العشر حبها سَنَةً كَامِلَةً وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْقِيَامَة أَحَاسِنكُمْ أَخْلَاقًا وَإِنَّ أَبْغَضكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ قَالُوا يَا رَسُول اللَّه قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ قَالَ الْمُتَكَبِّرُونَ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن
وَالثَّرْثَار هُوَ الْكَثِير الْكَلَام بِتَكَلُّفٍ وَالْمُتَشَدِّق الْمُتَطَاوِل على الناس بكلامه الذي يتكلم بِمِلْءِ فِيهِ تَفَاصُحًا وَتَفَخُّمًا وَتَعْظِيمًا لِكَلَامِهِ وَالْمُتَفَيْهِق
أَصْله مِنْ الْفَهَق وَهُوَ الِامْتِلَاء وَهُوَ الَّذِي يَمْلَأ فَمه بِالْكَلَامِ وَيَتَوَسَّع فِيهِ تَكَثُّرًا وَارْتِفَاعًا وَإِظْهَارًا لِفَضْلِهِ عَلَى غَيْره قَالَ التِّرْمِذِيّ قَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك حُسْن الْخُلُق طَلَاقَة الْوَجْه وَبَذْل الْمَعْرُوف وَكَفّ الْأَذَى
وَقَالَ غَيْره حُسْن الْخُلُق قِسْمَانِ أَحَدهمَا مَعَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَنْ يَعْلَم أَنَّ كُلّ مَا يَكُون مِنْك يُوجِب عُذْرًا وَكُلّ مَا يَأْتِي مِنْ اللَّه يُوجِب شُكْرًا فَلَا تَزَال شَاكِرًا لَهُ مُعْتَذِرًا إِلَيْهِ سَائِرًا إِلَيْهِ بَيْن مُطَالَعَة وَشُهُود عَيْب نَفْسك وَأَعْمَالك
وَالْقِسْم الثَّانِي حُسْن الْخُلُق مَعَ النَّاس
وَجَمَاعَة أَمْرَانِ بَذْل الْمَعْرُوف قَوْلًا وَفِعْلًا وَكَفّ الْأَذَى قَوْلًا وَفِعْلًا
وَهَذَا إِنَّمَا يَقُوم عَلَى أَرْكَان خَمْسَة الْعِلْم وَالْجُود وَالصَّبْر وَطِيب الْعَوْد وَصِحَّة الْإِسْلَام أَمَّا الْعِلْم فَلِأَنَّهُ يَعْرِف مَعَانِي الْأَخْلَاق وَسَفْسَافهَا فَيُمْكِنهُ أَنْ يَتَّصِف بِهَذَا وَيَتَحَلَّى بِهِ وَيَتْرُك هَذَا وَيَتَخَلَّى عَنْهُ
وَأَمَّا الْجُود فَسَمَاحَة نَفْسه وَبَذْلهَا وَانْقِيَادهَا لِذَلِكَ إِذَا أَرَادَهُ مِنْهَا
وَأَمَّا الصَّبْر فَلِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَصْبِر عَلَى اِحْتِمَال ذَلِكَ وَالْقِيَام بِأَعْبَائِهَا لَمْ يَتَهَيَّأ لَهُ
وَأَمَّا طِيب الْعَوْد فَأَنْ يَكُون اللَّه تَعَالَى خَلَقَهُ عَلَى طَبِيعَة مُنْقَادَة سَهْلَة الْقِيَاد وَسَرِيعَة الِاسْتِجَابَة لِدَاعِي الْخَيْرَات
وَالطَّبَائِع ثَلَاثَة طَبِيعَة حَجَرِيَّة صُلْبَة قَاسِيَة لَا تَلِين وَلَا تَنْقَاد وَطَبِيعَة مَائِيَّة هَوَائِيَّة سَرِيعَة الِانْقِيَاد مُسْتَجِيبَة لِكُلِّ دَاعٍ كَالْغُصْنِ أَيّ نَسِيم مَرَّ يَعْصِفهُ وَهَاتَانِ مُنْحَرِفَتَانِ
الْأُولَى لَا تَقْبَل وَالثَّانِيَة لَا تَحْفَظ وَطَبِيعَة قَدْ جَمَعَتْ اللِّين وَالصَّلَابَة وَالصَّفَاء فَهِيَ تَقْبَل بِلِينِهَا وَتَحْفَظ بِصَلَابَتِهَا وَتُدْرِك حَقَائِق الْأُمُور بِصَفَائِهَا فَهَذِهِ الطَّبِيعَة الْكَامِلَة الَّتِي يَنْشَأ عَنْهَا كُلّ خَلْق صَحِيح