(وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ) قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ يَنْهَاهُ عَنْهُ وَيُقَبِّحُ لَهُ فِعْلَهُ وَيَزْجُرُهُ عَنْ كَثْرَتِهِ
وَقَالَ الْحَافِظُ أَيْ يَنْصَحُهُ أَوْ يُخَوِّفُهُ أَوْ يُذَكِّرُهُ
كَذَا شَرَحُوهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُشْرَحَ بِمَا جَاءَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْأَدَبِ وَلَفْظُهُ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ يَقُولُ إِنَّكَ لَتَسْتَحِي حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ أَضَرَّ بِكَ (دَعْهُ) أَيِ اتْرُكْهُ عَلَى حَالِهِ (فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ) أَيْ مِنْ شُعَبِهِ
قَالُوا
إِنَّمَا جُعِلَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ غَرِيزَةً لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى قَانُونِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى قَصْدٍ وَاكْتِسَابٍ وَعِلْمٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[٤٧٩٦] (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) هُوَ تَمِيمُ بْنُ نُذَيْرٍ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ
وَقِيلَ فِي اسْمِهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَنُذَيْرٌ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ (وَثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ ظَرْفُ مَكَانٍ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَفِينَا بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ (بُشَيْرُ) بِالتَّصْغِيرِ تَابِعِيُّ جَلِيلٌ (الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ أَوْ قَالَ الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ) أَوْ لِلشَّكِّ
قَالَ الْحَافِظُ أَشْكَلَ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّهُ قَدْ يَصُدُّ صَاحِبَهُ عَنْ مُوَاجَهَةِ مَنْ يَرْتَكِبُ الْمُنْكَرَاتِ وَيَحْمِلُهُ عَلَى الْإِخْلَالِ بِبَعْضِ الْحُقُوقِ
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيَاءِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَا يَكُونُ شَرْعِيًّا وَالْحَيَاءُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الْإِخْلَالُ بِالْحُقُوقِ لَيْسَ حَيَاءً شَرْعِيًّا بَلْ هُوَ عَجْزٌ وَمَهَانَةٌ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ حَيَاءٌ لِمُشَابَهَتِهِ لِلْحَيَاءِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبِيحِ انْتَهَى (أَنَّ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْحَيَاءِ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ (سَكِينَةً وَوَقَارًا) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَى كَلَامِ بُشَيْرٍ أَنَّ مِنَ الْحَيَاءِ مَا يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى الْوَقَارِ بِأَنْ يُوَقِّرَ غَيْرَهُ وَيَتَوَقَّرَ هُوَ فِي نَفْسِهِ وَمِنْهُ مَا يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يسكن عن كثير مما يتحرك النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِذِي الْمُرُوءَةِ (وَمِنْهُ ضَعْفًا) بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ أَيْ كَالْحَيَاءِ الَّذِي يَمْنَعُ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ (فَغَضِبَ عِمْرَانُ) وَسَبَبُ غَضَبِهِ وَإِنْكَارِهِ عَلَى بُشَيْرٍ لِكَوْنِهِ قَالَ وَمِنْهُ ضَعْفًا بَعْدَ سَمَاعِهِ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَيْرٌ كُلُّهُ وَقِيلَ إِنَّمَا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سَاقَهُ فِي مَعْرِضِ مَنْ يعارض كلام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute