بِاتِّبَاعٍ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَالِانْتِقَامُ لِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُنَافِي كُلٌّ مِنْهُمَا الرَّحْمَةَ (ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ) بِالْجَزْمِ جَوَابُ الْأَمْرِ (مَنْ فِي السَّمَاءِ) هُوَ اللَّهُ تَعَالَى
وَفِي السِّرَاجِ الْمُنِيرِ وَقَدْ رُوِيَ بِلَفْظِ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ السَّمَاءِ الْمَلَائِكَةُ وَمَعْنَى رَحْمَتِهِمْ لِأَهْلِ الْأَرْضِ دُعَاؤُهُمْ لَهُمْ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ في الأرض (لَمْ يَقُلْ مُسَدَّدٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) أَيْ بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى أَبِي قَابُوسَ (وَقَالَ قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ لَمْ يَقُلْ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ بَلْ قَالَ مَكَانَهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الحديث هو الحديث المسلسل بالأولية قال بن الصَّلَاحِ فِي مُقَدَّمَتِهِ قَلَّمَا تَسْلَمُ الْمُسَلْسَلَاتُ مِنْ ضعف أعني في وصف التسلسل لافي أَصْلِ الْمَتْنِ وَمِنَ الْمُسَلْسَلِ مَا يَنْقَطِعُ تَسَلْسُلُهُ فِي وَسَطِ إِسْنَادِهِ وَذَلِكَ نَقْصٌ فِيهِ وَهُوَ كَالْمُسَلْسَلِ بِأَوَّلِ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَتَمَّ مِنْهُ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
[٤٩٤٢] (قَالَ) أَيْ شُعْبَةُ (كَتَبَ إِلَيَّ مَنْصُورٌ) هَذَا الْحَدِيثَ (قال بن كَثِيرٍ فِي حَدِيثِهِ) عَنْ شُعْبَةَ أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ كَتَبَ إِلَيَّ مَنْصُورٌ (وَقَرَأْتُهُ) أَيِ الْحَدِيثَ أَيْ بَعْدَ مَا كَتَبَ إِلَيَّ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْصُورٍ (قُلْتُ) هَذِهِ مَقُولَةُ شُعْبَةَ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ فِي كِتَابِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ كَتَبَ بِهِ إِلَى مَنْصُورٍ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ سَمِعَ أَبَا عُثْمَانَ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عن أبي هريرة الحديث (أقوله حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ) بِحَذْفِ الِاسْتِفْهَامِ أَيْ قُلْتُ لِمَنْصُورٍ هَلْ أَقُولُ فِيمَا قَرَأْتَهُ عَلَيْكَ لَفْظَةَ حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ (فَقَالَ) أَيْ مَنْصُورٌ (إِذَا قَرَأْتَهُ) بِصِيغَةِ الْخِطَابِ (عَلَيَّ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ) بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الشَّيْخِ أَحَدُ وُجُوهِ التَّحَمُّلِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ وَذَهَبَ جَمْعٌ جَمٌّ مِنْهُمُ الْبُخَارِيُّ وَحَكَاهُ فِي أَوَائِلِ صَحِيحِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِلَى أَنَّ السَّمَاعَ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ وَالْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ يَعْنِي فِي الصِّحَّةِ وَالْقُوَّةِ سَوَاءٌ (ثم اتفقا) أي حفص وبن كَثِيرٍ (الصَّادِقَ) أَيْ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ (الْمَصْدُوقَ) أَيِ الْمَشْهُودَ بِصِدْقِهِ فِي قَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute