(مَنِ ادَّعَى) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيِ انْتَسَبَ وَرَضِيَ أَنْ يَنْسُبَهُ النَّاسُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ (وَهُوَ يَعْلَمُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْلَمُ (فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ) أَيْ إِنِ اعْتَقَدَ حِلَّهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُعَذَّبَ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّجْرِ عَنْهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى فَسَادٍ عَرِيضٍ
قال بن بَطَّالٍ لَيْسَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنِ اشْتَهَرَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْوَعِيدِ كَالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَنْ تَحَوَّلَ عَنْ نِسْبَتِهِ لِأَبِيهِ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ عَالِمًا عَامِدًا مُخْتَارًا وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَسْتَنْكِرُونَ أَنْ يَتَبَنَّى الرَّجُلُ وَلَدَ غَيْرِهِ وَيَصِيرُ الْوَلَدُ يُنْسَبُ إِلَى الَّذِي تَبَنَّاهُ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عند الله وقوله تعالى وما جعل أدعياءكم أبناءكم فَنُسِبَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَبِيهِ الْحَقِيقِيِّ وَتَرَكَ الِانْتِسَابَ إِلَى مَنْ تَبَنَّاهُ لَكِنْ بَقِيَ بَعْدَهُ مَشْهُورًا بِمَنْ تَبَنَّاهُ فَيُذْكَرُ بِهِ لِقَصْدِ التَّعْرِيفِ لَا لِقَصْدِ النَّسَبِ الْحَقِيقِيِّ كَالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ وَلَيْسَ الْأَسْوَدُ أَبَاهُ وَإِنَّمَا كَانَ تَبَنَّاهُ وَاسْمُ أَبِيهِ الْحَقِيقِيُّ عَمْرُو بْنُ ثَعْلَبَةَ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(رَجُلَانِ أَيُّمَا رَجُلَيْنِ) أَيُّ وَقَعَتْ صِفَةً وَمَا زَائِدَةٌ
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ تَقَعُ صِفَةً تَابِعَةً لِمَوْصُوفٍ وَتُطَابِقُ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ نَحْوَ بِرَجُلٍ أَيِّ رَجُلٍ وَبِامْرَأَةٍ أَيَّةِ امْرَأَةٍ انْتَهَى
وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ قَالَ عَاصِمٌ قُلْتُ لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلَانِ حَسْبُكَ ما قال أَجَلْ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ انْتَهَى
وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ بِالْبَابِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الِادِّعَاءَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ كَمَا هُوَ حَرَامٌ فَكَذَا الِانْتِمَاءُ إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ أَيْضًا حَرَامٌ وَقَدْ أَيَّدَهُ بِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ الْآتِيَةِ (فَقَالَ) أَيْ أَبُو عُثْمَانَ (فَذَكَرَ) أَبُو عُثْمَانَ (فَضْلًا) لِأَبِي بَكْرَةَ (قَالَ النُّفَيْلِيُّ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (حَيْثُ حَدَّثَ) أَيْ حِينَ حَدَّثَ (وَاللَّهِ) الْوَاوُ لِلْقَسَمِ (يَعْنِي قَوْلَهُ حَدَّثَنَا وَحَدَّثَنِي) فِي الْإِسْنَادِ لِأَنَّهُمَا صَرِيحَانِ فِي السَّمَاعِ حَيْثُ صَرَّحَ كُلٌّ مِنَ الرُّوَاةِ مِنَ النُّفَيْلِيِّ إِلَى سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ بِالتَّحْدِيثِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute