حَدِيثُهُ) أَيْ حَدِيثُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ (عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ فَخْرَهَا وَتَكَبُّرَهَا وَنَخْوَتَهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْعُبِّيَّةُ الْكِبْرُ وَالنَّخْوَةُ وَأَصْلُهُ مِنَ الْعَبِّ وَهُوَ الثِّقَلُ يُقَالُ عِبِّيَّةُ وَعُبِّيَّةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا (مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ النَّاسَ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ فَهُوَ الْخَيِّرُ الْفَاضِلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسِيبًا فِي قَوْمِهِ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ فَهُوَ الدَّنِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهِ شَرِيفًا رَفِيعًا انْتَهَى
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُفْتَخِرَ الْمُتَكَبِّرَ إِمَّا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ فَإِذَنْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ فَهُوَ ذَلِيلٌ عِنْدَ اللَّهِ وَالذَّلِيلُ لَا يَسْتَحِقُّ التَّكَبُّرَ فَالتَّكَبُّرُ مَنْفِيٌّ بِكُلِّ حَالٍ (أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ) أَيْ فَلَا يَلِيقُ بِمَنْ أَصْلُهُ التُّرَابُ النَّخْوَةُ وَالْكِبْرُ (لَيَدَعَنَّ) بِلَامٍ مَفْتُوحَةِ فِي جَوَابِ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَاللَّهِ لِيَتْرُكَنَّ كَذَا قيل (إنماهم) أَيْ أَقْوَامٌ (أَوْ لَيَكُونُنَّ) بِضَمِّ النُّونِ الْأُولَى وَالضَّمِيرُ الْفَاعِلُ الْعَائِدُ إِلَى رِجَالٍ وَهُوَ وَاوُ الْجَمْعِ مَحْذُوفٌ مِنْ لَيَكُونُنَّ وَالْمَعْنَى لَيَصِيرُنَّ (أَهْوَنَ) أَيْ أَذَلَّ عَلَى اللَّهِ أَيْ عِنْدَهُ (مِنَ الْجِعْلَانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ جَمْعُ جُعَلٍ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ دُوَيْبَةٌ سَوْدَاءُ تُدِيرُ الْخِرَاءَ بِأَنْفِهَا (الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ) أَيِ الْعَذِرَةَ
قَالَ الْعَلَّامَةُ الدَّمِيرِيُّ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْجُعَلُ كَصُرَدٍ وَرُطَبٍ وَجَمْعُهُ جِعْلَانُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْعَيْنُ سَاكِنَةً وَهُوَ يَجْمَعُ الْجَعْرَ الْيَابِسَ وَيَدَّخِرُهُ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ دُوَيْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ تَعَضُّ الْبَهَائِمَ فِي فُرُوجِهَا فَتَهْرُبُ شَدِيدُ السَّوَادِ فِي بَطْنِهِ لَوْنُ حُمْرَةٍ يُوجَدُ كَثِيرًا فِي مَرَاحِ الْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ وَمَوَاضِعِ الرَّوْثِ وَمِنْ شَأْنِهِ جَمْعُ النَّجَاسَةِ وَادِّخَارِهَا
وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْ رِيحِ الْوَرْدِ وَرِيحِ الطِّيبِ فَإِذَا أُعِيدَ إِلَى الرَّوْثِ عَاشَ
وَمَنْ عَادَتِهِ أَنْ يَحْرُسَ النِّيَامَ فَمَنْ قَامَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ تَبِعَهُ وَذَلِكَ مِنْ شَهْوَتِهِ لِلْغَائِطِ لأنه قوته
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
رَجُلَانِ مُؤْمِن تَقِيّ كَرِيم عَلَى اللَّه وَفَاجِر شَقِيّ هَيِّن عَلَى اللَّه وَالنَّاس بَنُو آدَم وَخَلَقَ اللَّه آدَم مِنْ تُرَاب قَالَ اللَّه تَعَالَى (يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمكُمْ عِنْد اللَّه أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّه عَلِيم خَبِير) وَقَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نَعْرِفهُ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن دِينَار إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه وَعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر وَالِد عَلِيّ يُضَعَّف ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْن مَعِين وَغَيْره وَفِي التِّرْمِذِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيث الْحَسَن عَنْ سَمُرَة يَرْفَعهُ ((الْحَسَب الْمَال وَالْكَرَم التَّقْوَى)) وقال هذا حديث حسن صحيح غريب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute