التَّقَدُّمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَبَنَى فِي الْمَسَاجِدِ الْمَحَارِيب مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
انْتَهَى
وَأَيْضًا لَا يُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَحَارِيبِ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْكَرَاهَةِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ولايسمع كَلَامُ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ
(فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا) أَيْ تَوَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النُّخَامَةِ (فَحَتَّهَا بِالْعُرْجُونِ) أَيْ حَكَّ النُّخَامَةَ بِالْعُرْجُونِ
وَمَضَى تَفْسِيرُ الْعُرْجُونِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَاشَرَ بِيَدِهِ بِعُرْجُونٍ فِيهَا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ (أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ) مِنَ الْإِعْرَاضِ (فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلُ وَجْهِهِ) قِبَلَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ تَأْوِيلُهُ أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا بِالصَّلَاةِ قِبَلُ وَجْهِهِ فَلْيَصُنْهَا عَنِ النُّخَامَةِ وَفِيهِ إِضْمَارُ حَذْفٍ وَاخْتِصَارٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بكفرهم أَيْ حُبَّ الْعِجْلِ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ التي كنا فيها يُرِيدُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ كَثِيرٌ
وَإِنَّمَا أُضِيفَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِمَةِ كَمَا قَالُوا بَيْتُ اللَّهِ وَنَاقَتِهِ وَكَعْبَةُ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ النُّخَامَةَ طَاهِرَةٌ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ طَاهِرَةٌ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُ الْمُصَلِّي بِأَنْ يَدْلُكَهَا بِثَوْبِهِ
(فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ) أَيْ لَا يَبْزُقَنَّ جِهَةِ وَجْهِهِ (وَلَا عَنْ يَمِينِهِ) تَعْظِيمًا لِلْيَمِينِ وَزِيَادَةً لِشَرَفِهَا (عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى) بِحَذْفِ كَلِمَةِ أَوْ وَمَرَّ بَيَانُهُ (فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ) أَيْ بِالرِّجْلِ (بَادِرَةٌ) أَيْ حِدَّةٌ وَبَادِرَةُ الْأَمْرِ حِدَّتُهُ وَالْمَعْنَى إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْبُصَاقُ وَالنُّخَامَةُ (فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا) أَيْ فَلْيَفْعَلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا (وَوَضَعَهُ عَلَى فِيهِ ثُمَّ دَلَكَهُ) أَيْ وَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ عَلَى فَمِهِ حَتَّى يَتَلَاشَى الْبُزَاقُ فِيهِ ثُمَّ دَلَكَ الثَّوْبَ وَهَذَا عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِقَوْلِهِ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا (أَرُونِي) مِنَ الْإِرَاءَةِ (عَبِيرًا) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ عَلَى وزن أمير قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْعَبِيرُ نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ ذُو لَوْنٍ يُجْمَعُ مِنْ أَخْلَاطٍ (فَقَامَ فَتًى) أَيْ شَابٌّ (مِنَ الْحَيِّ) مِنَ الْقَبِيلَةِ (يَشْتَدُّ) أَيْ يَعْدُو (فَجَاءَ بِخَلُوقٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ
قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْخَلُوقُ طِيبٌ مَعْرُوفٌ مُرَكَّبٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَتَغْلِبُ عَلَيْهِ الْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ (فِي رَاحَتِهِ) أَيْ فِي كَفِّهِ (فَأَخَذَهُ) أَيِ الْخَلُوقَ (فَجَعَلَهُ) أَيِ الْخَلُوقَ (عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ) مَرَّ تَفْسِيرُ الْعُرْجُونِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute