الَّذِي طَافَ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَبَقَنِي (وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ) أَيْ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ بِصِيغَةِ الْغَائِبِ (قَالَ بن الْمُثَنَّى) لَفْظُ (أَنْ تَقُولُوا) بِصِيغَةِ الْخِطَابِ مَكَانُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ أَيْ لَوْلَا أَخَافُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ إِنَّهُ كَاذِبٌ (لَقُلْتُ إِنِّي كُنْتُ يَقْظَانًا غَيْرَ نَائِمٍ) يَعْنِي أَنِّي فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ صَادِقٌ لَا رَيْبَ فِيهَا كَأَنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلَ الْمَرْئِيَّ الَّذِي أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي حَالِ الْيَقَظَةِ لَا فِي حَالِ النَّوْمِ
وَقَوْلُهُ لَقُلْتُ جَوَابُ لَوْلَا وَغَيْرَ نَائِمٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ تأكيد لقوله يقظان وفي رواية لأحمداني رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ وَلَوْ قُلْتُ إِنِّي لم أكن نائما لصدقت (وقال بن الْمُثَنَّى لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَلَمْ يَقُلْ عَمْرٌو لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ خَيْرًا) هَذِهِ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ أَيْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَمُرْ بِلَالًا لَكِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ أَيْ لَقَدْ أَرَاكَ الله خيرا في رواية بن المثنى وليست في رواية عمرو (قال) بن أَبِي لَيْلَى (مِثْلَ الَّذِي رَأَى) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ (وَلَكِنْ لَمَّا سَبَقْتُ اسْتَحْيَيْتُ) أَنْ أَقُصَّ عَلَيْكَ رُؤْيَايَ إِلَى هُنَا تَمَّ الْحَالُ الْأَوَّلُ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُحَوَّلَةِ وَالتَّغَيُّرَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ
وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ التَّغْيِيرِ الْأَوَّلِ مِنَ الْوُجُوهِ الْمُحَوَّلَةِ وَالتَّغَيُّرَاتِ الثَّلَاثَةِ هُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ وَيُؤَدُّونَهَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْفَرِدِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْتَمِعُوا وَيَتَّفِقُوا عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ يَجْتَمِعُ النَّاسَ وَقْتَ الصَّلَاةِ وَيُؤَدُّونَهَا كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ فَهَذِهِ الْحَالَةُ تَغَيَّرَتْ وَتَبَدَّلَتْ مِنَ الِانْفِرَادِ وَالْوَحْدَةِ إِلَى الْجَمَاعَةِ وَالِاتِّفَاقِ وَأَمَّا تَجْوِيزُ النِّدَاءِ وَالْأَذَانِ وَبَثِّ الرِّجَالِ فِي الدُّورِ فَلَيْسَ مِنَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِوُصُولِ وَتَحْصِيلِ هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا (قَالَ) أَيِ بن أَبِي لَيْلَى (وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا) وَهَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْحَالِ الثَّانِي مِنَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ (قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ) لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ بَعْدَ أَنِ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا (يَسْأَلُ) بِصِيغَةِ الْمَعْرُوفِ عَنِ الْمُصَلِّينَ كَمْ صَلَّيْتُ مَعَ الْإِمَامِ وَكَمْ بَقِيَتْ (فَيُخْبَرُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ فَيُخْبِرُهُ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُخْبِرُهُ الْمُصَلُّونَ بِالْإِشَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَأَشَارُوا إِلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (بِمَا سُبِقَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ بِالْقَدْرِ الَّذِي سُبِقَ (مِنْ صَلَاتِهِ) أَيِ الرَّجُلِ الْمَسْبُوقِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِمَا الْمَوْصُولَةِ (وَأَنَّهُمْ قَامُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَقَاعِدٍ وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute