(فَكَانَتِ الرُّخْصَةُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فَأُمِرُوا بِالصِّيَامِ) أَيْ غَيْرُ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَهَذَا هُوَ الْحَالُ الثَّانِي لِلصِّيَامِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ
وَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ وَصِيَامَ عَاشُورَاءَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فرض عليه الصيام وأنزل الله تعالى ياأيها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ على الذين من قبلكم إِلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مسكين فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا فَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ الْآيَةَ الْأُخْرَى شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أنزل فيه القران إِلَى قَوْلِهِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فَأَثْبَتَ اللَّهُ صِيَامَهُ عَلَى الْمُقِيمِ الصَّحِيحِ وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَثَبَتَ الْإِطْعَامُ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ فَهَذَانِ حَالَانِ لِلْحَدِيثِ
(قَالَ) بن أَبِي لَيْلَى (وَكَانَ الرَّجُلُ إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِي (قَالَ) مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ (فَجَاءَ عُمَرُ فَأَرَادَ امْرَأَتَهُ فَقَالَتْ) امْرَأَةُ عُمَرَ (إِنِّي قَدْ نِمْتُ) قَبْلَ أَنْ نَأْكُلَ (فَظَنَّ) أَيْ عُمَرَ (أَنَّهَا) أَيْ أَمْرَأَتَهُ (تَعْتَلُّ) مِنَ الِاعْتِلَالِ أَيْ تُلَهِّي وَتُزَوِّرُ مِنْ تَزْوِيرِ النِّسَاءِ وَمَعْنَاهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بهانه ميكتد
قَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ يُقَالُ تَعَلَّلْتُ بِالْمَرْأَةِ تَعَلُّلًا لَهَوْتُ بِهَا (فَأَتَاهَا) أَيْ فَجَامَعَ أَمْرَأَتَهُ (فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ) إِلَى أَهْلِهِ وَكَانَ صَائِمًا (فَأَرَادَ الطَّعَامَ فَقَالُوا) أَيْ أَهْلُ بَيْتِهِ لِهَذَا الرَّجُلِ اصْبِرْ (حَتَّى نُسَخِّنَ لَكَ شَيْئًا) مِنَ التَّسْخِينِ أَيْ نُحْمِي لَكَ (فَنَامَ) الرَّجُلُ الْأَنْصَارِيُّ (فَلَمَّا أَصْبَحُوا نَزَلَتْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَذِهِ الْآيَةَ) الْآتِيَةَ (فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام الرفث إلى نسائكم وَهَذَا هُوَ الْحَالُ الثَّالِثُ لِلصِّيَامِ
قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَفْسِيرِ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعبد بن حميد وبن المنذر والبيهقي في سننه عن بن عَبَّاسٍ قَالَ الدُّخُولُ وَالتَّغَشِّي وَالْإِفْضَاءُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالرَّفَثُ وَاللَّمْسُ وَالْمَسُّ وَالْمَسِيسُ الْجِمَاعُ وَالرَّفَثُ فِي الصِّيَامِ الْجِمَاعُ وَالرَّفَثُ فِي الْحَجِّ الْإِغْرَاءُ بِهِ انْتَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute