للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الأولى أنه يكتفي الْأَذَانُ قَبْلَ الْفَجْرِ عَنْ إِعَادَةِ الْأَذَانِ بَعْدَ الْفَجْرِ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّهُ أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْإِقَامَةِ فَمَنَعَهُ إِلَى أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ

أَمَّا الْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الأولى فبأن في إسناده ضعف وَأَيْضًا فَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ وَكَانَتْ فِي سَفَرٍ فلا تقوم به الحجة وأيضا حديث بن عُمَرَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَلَفْظِهِ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يؤذن بن أُمِّ مَكْتُومٍ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ وَلَا شَكَّ أَنَّ حَدِيثَ الصُّدَائِيِّ مَعَ ضَعْفِهِ لَا يُقَاوِمُ حديث بن عُمَرَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هَذَا مُلْتَقَطٌ مِنْ فَتْحٍ الْبَارِيِّ

وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَبِأَنَّ الْحَدِيثَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدٌ وَإِنْ كَانَتِ الشَّوَاهِدُ ضَعِيفَةً أَيْضًا وَأَنَّ الْإِقَامَةَ حَقٌّ لِمَنْ أَذَّنَ وَمَا وَرَدَ فِي خِلَافِهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ

قَالَ فِي سُبُلِ السَّلَامِ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ حَقٌّ لِمَنْ أَذَّنَ فَلَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ وَعَضَّدَ حَدِيثُ الباب حديث بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَهْلًا يَا بِلَالُ فَإِنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ وإن كان قد ضعفه أبو حاتم وبن حِبَّانَ انْتَهَى

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الْحَدِيثُ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادَ بْنِ أَنْعَمَ الْإِفْرِيقِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ

قَالَ التِّرْمِذِيُّ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ

وَقَالَ أَحْمَدُ لَا أَكْتُبُ حَدِيثَ الْإِفْرِيقِيِّ قَالَ وَرَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يُقَوِّي أَمْرَهُ وَيَقُولُ هُوَ مُقَارِبٌ الْحَدِيثَ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ أذن فهو يقيم

قال الحارمي فِي كِتَابِهِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ غَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ لَا فَرْقِ وَالْأَمْرُ مُتَّسِعٌ وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَبُو ثَوْرٍ

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا أَذَّنَ الرَّجُلُ أَحْبَبْتُ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ

وَقَدْ عَرَفْتَ تَأْخِيرَ حَدِيثِ الصُّدَائِيِّ هَذَا وَأَرْجَحِيَّةَ الْأَخْذِ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ لَكَانَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقُ خَاصًّا بِهِ والأولوية باعتباره غَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ

وَقَالَ الْحَافِظُ الْيَعْمَرِيُّ وَالْأَخْذُ بِحَدِيثِ الصُّدَائِيِّ أَوْلَى لِأَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقَ كَانَ أَوَّلُ مَا شُرِعَ الْأَذَانُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى وَحَدِيثُ الصُّدَائِيِّ بَعْدَهُ بِلَا شَكَّ انْتَهَى

وَقَدْ مَضَى بَعْضُ بَيَانِهِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ

قال المنذري والحديث أخرجه الترمذي وبن ماجه

<<  <  ج: ص:  >  >>