ظَاهِرِهِ لِأَنَّهُ جِسْمٌ مُتَغَذٍّ يَصِحُّ مِنْهُ خُرُوجُ الرِّيحِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ شِدَّةِ نِفَارِهِ
انْتَهَى قَالَ الطِّيبِيُّ شَبَّهَ شَغْلَ الشَّيْطَانِ نَفْسَهُ عَنْ سَمَاعِ الْأَذَانِ بِالصَّوْتِ الَّذِي يَمْلَأُ السَّمْعَ ويمنعه عن سماع عيره ثُمَّ سَمَّاهُ ضُرَاطًا تَقْبِيحًا لَهُ (حَتَّى لَا يَسْمَعُ التَّأْذِينَ) هَذِهِ غَايَةٌ لِإِدْبَارِهِ وَقَدْ وَقَعَ بَيَانُ الْغَايَةِ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فَقَالَ حَتَّى يَكُونَ مَكَانُ الرَّوْحَاءِ وَحَكَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ رِوَايَةً عَنْ جَابِرٍ أَنَّ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالرَّوْحَاءِ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ مِيلًا وقوله حتى لايسمع تَعْلِيلٌ لِإِدْبَارِهِ
انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَعَمَّدُ إِخْرَاجَ ذَلِكَ إِمَّا لِيَشْتَغِلَ بِسَمَاعِ الصَّوْتِ الَّذِي يُخْرِجُهُ عَنْ سَمَاعِ الْمُؤَذِّنِ أَوْ يَصْنَعَ ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا كَمَا يَفْعَلُهُ السُّفَهَاءُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ بَلْ يَحْصُلُ لَهُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ شِدَّةُ خَوْفٍ يَحْدُثُ لَهُ ذَلِكَ الصَّوْتُ بِسَبَبِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَمَّدَ ذَلِكَ لِيُقَابِلَ مَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ مِنَ الطَّهَارَةِ بِالْحَدَثِ
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ لِأَنَّ قوله حتى لايسمع ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَبْعُدُ إِلَى غَايَةٍ يَنْتَفِي فِيهَا سَمَاعُهُ لِلصَّوْتِ (فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْفَرَاغُ أَوِ الِانْتِهَاءُ وَيُرْوَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى صِيغَةِ الْمَعْرُوفِ عَلَى حَذْفِ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ الْمُنَادَى (أَقْبَلَ) الشَّيْطَانُ
زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَسْوَسَ (حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ) بِضَمِّ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ حَتَّى إِذَا أُقِيمَ لِلصَّلَاةِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ التثويب ها هنا الْإِقَامَةُ وَالْعَامَّةُ لَا تَعْرِفُ التَّثْوِيبَ إِلَّا قَوْلَ المؤذن في صلاة الفجر الصلاة خير من النوم حسب ومعنى التثويب الإعلام بالشيء وا نذار بِوُقُوعِهِ وَأَصْلُهُ أَنْ يُلَوِّحَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ بِثَوْبِهِ فَيُنْذِرَهُ عَنِ الْأَمْرِ يُرْهِقُهُ مِنْ خَوْفٍ أَوْ عَدُوٍّ ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي كُلِّ إِعْلَامٍ يَجْهَرُ بِهِ صَوْتُهُ وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْإِقَامَةُ تَثْوِيبًا لِأَنَّهُ إِعْلَامٌ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ
وَيُقَالُ ثَابَ الشَّيْءِ إذا رجع والأذن إِعْلَامٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قِيلَ هُوَ مِنْ ثَابَ إِذَا رَجَعَ وَقِيلَ مِنْ ثَوَّبَ إِذَا أَشَارَ بِثَوْبِهِ عِنْدَ الفراغ لأعلام غيره
وقال الْجُمْهُورُ الْمُرَادُ بِالتَّثْوِيبِ هُنَا الْإِقَامَةُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ثَوَّبَ بِالصَّلَاةِ إِذَا أُقِيمَتْ وَأَصْلُهُ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى مَا يُشْبِهُ الْأَذَانَ وَكُلُّ مَنْ رَدَّدَ صَوْتًا فَهُوَ مُثَوِّبٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ ذَهَبَ (حَتَّى يَخْطُرَ) بِضَمِّ الطَّاءِ
قَالَ عِيَاضٌ كَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَضَبَطْنَاهُ عَنِ الْمُتْقِنِينَ بِالْكَسْرِ وهوالوجه وَمَعْنَاهُ يُوَسْوِسُ وَأَصْلُهُ مِنْ خَطَرَ الْبَعِيرُ بِذَنَبِهِ إِذَا حَرَّكَهُ فَضَرَبَ بِهِ فَخِذَيْهِ وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَمِنَ الْمُرُورِ أَيْ يَدْنُو مِنْهُ فَيَمُرُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَلْبِهِ فَيَشْغَلُهُ وَصَفَ الْهَجَرِيُّ فِي