للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ عَجْلَانَ لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاءَ فِي الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ لَا يَشْهَدُونَ الْعِشَاءَ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هريرة عند أبي دواد ثُمَّ آتِي قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نِفَاقَهُمْ نِفَاقُ مَعْصِيَةٍ لَا كُفْرٍ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ إِنَّمَا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَإِذَا خَلَا فِي بَيْتِهِ كَانَ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ

وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْمَقْبُرِيِّ لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كُفَّارًا لِأَنَّ تَحْرِيقَ بَيْتِ الْكَافِرِ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى الْغَلَبَةِ عَلَيْهِ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ وُجُودَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ فِي بَيْتِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنِّفَاقِ فِي الْحَدِيثِ نِفَاقَ الْكُفْرِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ أَنَّ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَقَدْ نُهِينَا عَنِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ

وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ مِنْ جِهَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي ذَمِّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ

[٥٤٩] (أَنْ آمُرُ فِتْيَتِي) أَيْ جَمَاعَةً مِنْ شُبَّانِ أَصْحَابِي أَوْ خَدَمِي وَغِلْمَانِي (لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ) أَيْ عُذْرٌ وَالْعُذْرُ الْخَوْفُ أَوِ الْمَرَضُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أن اعذار تبيح التخلف عن الجماعة (ياأبا عَوْفٍ) كُنْيَةٌ لِيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ (الْجُمُعَةَ) مَفْعُولُ عَنَى (عَنَى) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوْ غَيْرَهَا) أَيِ الْجُمُعَةِ (قَالَ) أَبُو عَوْفٍ (صُمَّتَا) بِضَمِّ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ مِيمٍ أَيْ كُفَّتَا عَنِ السَّمَاعِ وَهَذَا عَلَى نَهْجِ وَأَسَرُّوا النجوى الذين ظلموا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ

قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ (يَأْثُرُهُ) أَيْ يَرْوِيهِ (مَا ذَكَرَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (جُمُعَةً وَلَا غَيْرَهَا) يَعْنِي أَنَّ الْوَعِيدَ وَالتَّهْدِيدَ فِي الْمُتَخَلِّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فَظَهَرَ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا أَنَّهَا أَيِ الصَّلَاةَ الَّتِي وَقَعَ التَّهْدِيدُ بِسَبَبِهَا لَا تَخْتَصُّ بالجمعة

وأما حديث بن مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَفِيهِ الْجَزْمُ بِالْجُمُعَةِ وَهُوَ حديث مستقل لأن مخرجه مغائر لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَا يَقْدَحُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>