[٥٦٧] (لاتمنعوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ) مُقْتَضَى هَذَا النَّهْيُ أَنَّ مَنْعَ النِّسَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ إِمَّا مُطْلَقًا فِي الْأَزْمَانِ كَمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ مُقَيَّدًا بِاللَّيْلِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ أَوْ مُقَيَّدًا بِالْغَلَسِ كَمَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ يَكُونُ مُحَرَّمًا عَلَى الْأَزْوَاجِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ (وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ) أَيْ صَلَاتُهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ مِنْ صَلَاتِهِنَّ فِي الْمَسَاجِدِ لو علمن ذلك لكنهن لم يعلمن فيسئلن الْخُرُوجَ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَيَعْتَقِدْنَ أَنَّ أَجْرَهُنَّ فِي الْمَسَاجِدِ أَكْثَرُ
وَوَجْهُ كَوْنِ صَلَاتِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ الْأَمْنِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ بَعْدَ وُجُودِ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ مِنَ التَّبَرُّجِ وَالزِّينَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا قَالَتْ
[٥٦٨] (فَقَالَ بن له) أي لابن عمر
قال المنذري وبن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ هَذَا هُوَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ هُوَ ابْنُهُ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا
انْتَهَى (فَيَتَّخِذْنَهُ دَغَلًا) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْفَسَادُ وَالْخِدَاعُ وَالرِّيبَةُ
قَالَ الْحَافِظُ وَأَصْلُهُ الشَّجَرُ الْمُلْتَفِّ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْمُخَادَعَةِ لِكَوْنِ الْمُخَادِعِ يَلُفُّ فِي نَفْسِهِ أَمْرًا وَيُظْهِرُ غَيْرَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَمَّا رَأَى مِنْ فَسَادِ بَعْضِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَحَمَلَتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرَةِ (قَالَ) أَيْ مُجَاهِدٌ (فَسَبَّهُ وَغَضِبَ) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ رَاجِعٌ إلى بن عُمَرَ وَالْمَنْصُوبُ إِلَى ابْنِهِ
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبَّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَفَسَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ السَّبُّ الْمَذْكُورُ بِاللَّعْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ بن عُمَرَ لِتَصْرِيحِهِ بِمُخَالَفَةِ الْحَدِيثِ
وَأُخِذَ مِنْ إِنْكَارِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى وَلَدِهِ تَأْدِيبُ الْمُعْتَرِضِ عَلَى السُّنَنِ بِرَأْيِهِ وَعَلَى الْعَالِمِ بِهَوَاهُ وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا إِذَا تَكَلَّمَ بِمَا لَا يَنْبَغِي لَهُ وَجَوَازُ التَّأْدِيبِ بِالْهِجْرَانِ فَقَدْ وقع في رواية بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَمَا كَلَّمَهُ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى مَاتَ وَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَاتَ عقب هذه القصة بيسير
قاله الحافظ بن حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي